فيثبت الخبث وهذا لأنه ان أشار إلى الدراهم المغصوبة فالمشار إليه إن كان لا يتعين في حق الاستحقاق يتعين في حق جواز العقد بمعرفة جنس النقد وقدره فكان المنقود بدل المشترى من وجه نقد منها أو من غيرها وان لم يشر إليها ونقد منها فقد استفاد بذلك سلامة المشترى فتمكنت الشبهة فيخبث الربح واطلاق الجواب في الجامعين والمضاربة دليل صحة هذا القول ومن مشايخنا من اختار الفتوى في زماننا بقول الكرخي تيسيرا للامر على الناس لازدحام الحرام وجواب الكتب أقرب إلى التنزه والاحتياط والله تعالى أعلم ولان دراهم الغصب مستحقة الرد على صاحبها وعند الاستحقاق ينفسخ العقد من الأصل فتبين ان المشترى كان مقبوضا بعقد فاسد فلم يحل الانتفاع به ولو تزوج بالدراهم المغصوبة امرأة وسعه ان يطأها بخلاف الشراء لما ذكرنا ان عند الاستحقاق ينفسخ الشراء والنكاح لا يحتمل الفسخ ولو كان المغصوب ثوبا فاشترى به جارية لا يسعه ان يطأها ولو تزوج عليه امرأة حل له وطؤها لما قلنا والله عز وجل أعلم وأما الذي يتعلق بحال نقصان المغصوب فالكلام فيه في موضعين أحدهما في بيان ما يكون مضمونا من النقصان ومالا يكون مضمونا منه والثاني في بيان طريق معرفة النقصان أما لأول فنقول وبالله التوفيق إذا عرض في يد الغاصب ما يوجب نقصان قيمة المغصوب والعارض لا يخلو اما أن يكون بغير السعر واما أن يكون فوات جزء من المغصوب أو فوات صفة مرغوب فيها أو معنى مرغوب فيه فإن كان بغير السعر لم يكن مضمونا لان المضمون نقصان المغصوب ونقصان السعر ليس بنقصان المغصوب بل لفتور يحدثه الله تعالى عز شأنه في قلوب العباد لا صنع للعبد فيه فلا يكون مضمونا وإن كان فوات جزء من المغصوب أو فوات صفة مرعوب فيها أو معنى مرغوب فيه فالمغصوب لا يخلو اما أن يكون من غير أموال الربا واما أن يكون من أموال الربا فإن كان من غير أموال الربا يكون مضمونا إذا لم يكن للمغصوب منه فيه صنع ولا اختيار لأنه هلك بعض المغصوب صورة ومعنى أو معنى لا صورة وهلاك كل المغصوب مضمون بكل القيمة فهلاك بعضه يكون مضمونا بقدره لما ذكرنا ان ضمان الغصب ضمان جبر الفائت فيتقدر بقدر الفوات وعلى هذا يخرج ما إذا سقط عضو من المغصوب في يد الغاصب بآفة سماوية أو لحقه زمانة أو عرج أو شلل أو عمى أو عور أو صمم أو بكم أو حمى أو مرض آخر انه يأخذه المولى ويضمنه النقصان لوجود فوات جزء من البدن أو فوات صفة مرغوب فيها ولو زال البياض من عينه في يد المولى أو أقلع الحمى رد على الغاصب ما أخذه منه بسبب النقصان لأنه تبين ان ذلك النقصان لم يكن موجبا للضمان لانعدام شرط الوجوب وهو العجز عن الانتفاع على طريق الدوام وكذلك لو ابق المغصوب من يد الغاصب من عبد أو أمة إذا لم يكن ابق قبل ذلك أو زنت الجارية المغصوبة أو سرقت إذا لم تكن زنت قبل ذلك لفوات معنى مرغوب فيه وهو الصيانة عن هذه القاذورات ولهذا كانت عيوبا موجبة للرد في باب البيع وجعل الآبق على المالك وهل يرجع به على الغاصب قال أبو يوسف رحمه الله لا يرجع وقال محمد رحمه الله يرجع (وجه) قوله إن الجعل من ضرورات رد المغصوب لان رد المغصوب واجب على الغاصب ولا يمكنه الرد الا باعطاء الجعل فكان من ضرورات الرد فيكون عليه مؤنة الرد (وجه) قول أبى يوسف رحمه الله ان الجعل إنما يجب بحق الملك والملك للمغصوب منه فيكون الجعل عليه كمداواة الجراحة ولو قتل العبد المغصوب أو الجارية المغصوبة في يد الغاصب قتيلا أو جنى على حر أو عبد في نفس أو ما دونها جناية رد إلى مولاه ويقال له ادفعه بجنايته أو أفده لان الملك له ويرجع المولى على الغاصب بالأقل من قيمته ومن أرش الجناية لان هذا الضمان إنما وجب بسبب كان في ضمانه ولو استهلك لرجل مالا يخاطب المولى بالبيع أو الفداء ويرجع على الغاصب بالأقل من قيمته ومما أداه عنه من الدين لما قلنا ولو قتل المغصوب نفسه في يد الغاصب ضمن الغاصب قيمته بالغصب ولا يضمن من قيمته بقتل نفسه لان قتله نفسه هدر فصار كموته حتف انفه ولو كان المغصوب أمة فولدت ثم قلت ولدها ثم ماتت ضمن قيمة الام ولا يضمن قيمة الولد لأنه أمانة وكذلك إذا كبر المغصوب في يد الغاصب من الغلام والجارية بان غصب عبدا شابا فشاخ في يد الغاصب أو جارية شابة فصارت
(١٥٥)