قيمتها يحل له الاكل كذلك إذا ضمنه المالك القيمة أو ضمنه الحاكم وهذا عندي ليس باختلاف رواية بل هذه الرواية تفسير للأولى لان قوله حتى يرضى صاحبه بحله يحتمل الارضاء بأداء الضمان ويحتمل الارضاء باختيار الضمان فالمذكور ههنا مفسر فيحمل المجمل على المفسر فيحمل قوله حتى يرضيه على الارضاء باختيار الضمان ورضاه لا على الارضاء بأداء الضمان توفيقا بين الروايتين فلا يحل له الانتفاع به قبل اختيار الضمان ويحل بعده سواء أدى المضان أو لا وهذا قولهما وهو قياس قول أبى يوسف رحمه الله في الشاة المشوية أنه يحل له الانتفاع بها فيأكلها ويطعمها من شاء سوى أدى الضمان أم لا ولا خلاف في أنه إذا أدى الضمان أنه يحل له الاكل وكذلك إذا أبرأه عن الضمان وكذلك إذا ضمنه المالك القيمة أو ضمنه القاضي لان القاضي لا يضمنه الا بعد طلبه فكان منه اختيارا للضمان ورضا به وعلى هذا يخرج ما إذا غصب عبدا فاستغله فنقصته الغلة أنه يضمن النقصان والغلة له ويتصدق بها في قولهما وعند أبي يوسف رحمه الله هي طيبة أما ضمان النقصان فلان الاستغلال وقع اتلافا فيضمن قدر ما أتلف ويطيب له قدر المضمون لان ذلك القدر ليس بربح والنهى وقع عن الربح (وأما) الغلة فللغاصب عندنا وعند الشافعي رحمه الله للمالك وهي فريعة مسألة المنافع وقد مرت في موضعها (وأما) التصدق بالغلة وهي الأجرة عندهما فلأنها خبيثة لحصولها بسبب خبيث فكان سبيلها التصدق ولأبي يوسف أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن ربح ما لم يضمن وهذا ربح مضمون والجواب أن التحريم لعدم الضمان يدل على التحريم لعدم الملك من طريق الأولى لان الملك فوق الضمان ولو غصب أرضا فزرعها كرا فنقصتها الزراعة وأخرجت ثلاثة اكرار يغرم النقصان ويأخذ رأس المال ويتصدق بالفضل أما ضمان النقصان فلان الغاصب نقص الأرض بالزراعة وذلك اتلاف منه والعقار مضمون بالاتلاف بلا خلاف واما التصدق بالفضل فلحصوله بسبب خبيث وهي الزراعة في أرض الغصب وإن كان البذر ملكا له ويطيب له قدر النقصان وقدر البذر لما ذكرنا أن النهى ورد عن الربح وذا ليس يربح فلم يحرم والله سبحانه وتعالى أعلم وعلى هذا يخرج ما إذا غصب ألفا فاشترى جارية فباعها بألفين ثم اشترى بالألفين جارية فباعها بثلاثة آلاف انه يتصدق بجميع الربح في قولهما وعند أبي يوسف رحمه الله لا يلزمه التصدق بشئ لأنه ربح مضمون مملوك لأنه عند أداء الضمان يملكه مستندا إلى وقت الغصب ومجرد الضمان يكفي للطيب فكيف إذا اجتمع الضمان والملك وهما يقولان الطيب كما لا يثبت بدون الضمان لا يثبت بدون الملك من طريق الأولى وفى هذا الملك شبهة العدم على ما بينا فيما تقدم فلا يفيد الطيب ولو اشترى بالألف جارية تساوى الفين فوهبها أو اشترى به طعاما يساوى الفين فأكله لم يتصدق بشئ لأنه لم يحصل له الربح ولان الخبث إنما يثبت بشبهة عدم الملك والشبهة توجب التصدق اما لا توجب التضمين وعلى هذا يخرج ما إذا خلط المستودع احدى الوديعتين بالأخرى خلطا لا يتميزان المخلوط يصير ملكا له عند أبي حنيفة رحمه الله لكن لا يطيب له حتى يرضى صاحبه على ما نذكره إن شاء الله تعالى ولو اشترى بالدراهم المغصوبة شيئا هل يحل له الانتفاع به أو يلزمه التصدق ذكر الكرخي رحمه الله وجعل ذلك على أربعة أوجه اما ان يشير إليها وينقد منها واما أن يشير إليها وينقد من غيرها واما أن يشير إلى غيرها وينقد منها واما ان يطلق اطلاقا وينقد منها وإذا ثبت الطيب في الوجوه كلها الا في وجه واحد وهو ان يجمع بين الإشارة إليها والنقد منها وذكر أبو نصر الصفار والفقيه أبو الليث رحمهما الله انه يطيب في الوجوه كلها وذكر أبو بكر الإسكاف رحمه الله انه لا يطيب في الوجوه كلها وهو الصحيح (وجه) قول أبى نصر وأبى الليث رحمهما الله تعالى ان الواجب في ذمة المشتري دراهم مطلقة والمنقودة بدل عما في الذمة أما عند عدم الإشارة فظاهر وكذا عند الإشارة لان الإشارة إلى الدراهم لا تفيد التعيين فالتحقت الإشارة إليها بالعدم فكان الواجب في ذمته دراهم مطلقة والدراهم المنقودة بدلا عنها فلا يخبث المشترى والكرخي كذلك يقول إذا لم تتأكد الإشارة بمؤكد وهو النقد منها فإذا تأكدت بالنقد منها تعين المشار إليه فكان المنقود بدل المشترى فكان خبيثا (وجه) قول أبى بكر انه استفاد بالحرام ملكا من طريق الحقيقة أو الشبهة
(١٥٤)