مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٠٤
بأهل اليسار المحتاجون، وبسليمة أجلاف البوادي الذين يأكلون ما دب ودرج ممن غير تمييز، فلا عبرة بهم، وبحال الرفاهية حال الضرورة، فلا عبرة بها.
تنبيه: قضية كلام المصنف أنه لا بد من أخبار جمع منهم، والظاهر كما قال الزركشي: الاكتفاء بخبر عدلين ويرجع في كل زمان إلى العرب الموجودين فيه، فإن استطابته فحلال أو استخبثته فحرام، والمراد به ما لم يسبق فيه كلام العرب الذين كانوا في عهده (ص) فمن بعدهم، فإن ذلك قد عرف حاله واستقر أمره، فإن اختلفوا في استطابته اتبع الأكثر فإن استووا فقريش لأنهم قطب العرب، فإن اختلفت ولا ترجيح أو شكوا أو لم نجدهم ولا غيرهم من العرب اعتبرنا أقرب الحيوان شبها به صورة أو طبعا أو طعما، فإن استوى الشبهان أو لم يوجد ما يشبهه فحلال لآية * (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما) * ولا يعتمد فيه شرع من قبلنا، لأنه ليس شرعا لنا، فاعتماد ظاهر الآية المقتضية للحل أولى من استصحاب الشرائع السالفة، واندفع بما قرت به كلام المصنف اعتراض البلقيني، فإنه قال: إن أراد نص كتاب أو سنة لم يستقم فقد حكم بحل الثعلب، وتحريم الببغا والطاووس، وليس فيها نص كتاب ولا سنة أو قول عالم فقول العالم ليس دليلا يعتمد، وإن أريد نص كتاب أو سنة أو نص الشافعي أو أحد من أصحابه فهو بعيد، لأن هذا لا يطلق عليه نص في اصطلاح الأصوليين. (وإن جهل اسم حيوان سئلوا) أي العرب عن ذلك الحيوان (وعمل بتسميتهم) له مما هو حلال أو حرام، لأن المرجع في ذلك إلى الاسم وهم أهل اللسان (وإن لم يكن له اسم عندهم اعتبر بالأشبه) به من الحيوان في الصورة أو الطبع أو الطعم في اللحم، فإن تساوى الشبهان أو فقد ما يشبهه حل على الأصح في الروضة والمجموع.
ولما فرغ المصنف من حكم الحيوان الحرام أخذ من حكم المكروه منه، فقال: (وإذا ظهر تغير لحم جلالة) من نعم أو غيره كدجاج، ولو يسيرا (حرم أكله) أي اللحم كما في المحرر وبه قال الإمام أحمد، لأنها صارت من الخبائث، وقد صح النهي عن أكلها، وشرب لبنها وركوبها كما قاله أبو داود وغيره، وهي بفتح الجيم وتشديد اللام، ويقال الجالة التي تأكل الجلة - بفتح الجيم - وهي العذرة والبعر وغيرهما من النجاسات والحكم منوط كما قال المصنف بالتغير على الأصح وقيل إن كان أكثر علفها النجاسة ثبت وإلا فلا، وهو ظاهر كلام المصنف في التحرير وجزم به في تصحيح التنبيه وإطلاقه هنا التعبير يشمل الأوصاف الثلاثة وقيداه في الشرح والروضة بالرائحة. قال الزركشي تبعا للأذرعي: والظاهر أنه ليس بقيد فإن تغير الطعم أشد (وقيل يكره) لنتن لحمها (قلت: الأصح يكره) كما نقله الرافعي في الشرح عن إيراد أكثرهم (والله أعلم) لأن النهي إنما هو لتغير اللحم وهو لا يوجب التحريم كما لو نتن اللحم المذكى وتروح فإنه يكره أكله على الصحيح.
تنبيه: قد يفهم تقييد المصنف باللحم أن غيره ليس كذلك، وليس مرادا، بل لا فرق بين لحمها ولبنها وبيضها في النجاسة والطهارة والتحريم والتحليل وفاقا وخلافا، بل قال البلقيني: ينبغي تعدي الحكم إلى شعرها وصوفها المنفصل في حياتها. وقال الزركشي: الظاهر إلحاق ولدها بها إذا ذكيت ووجد في بطنها ميتا اه‍. ويكره ركوبها بلا حائل. (فإن علفت) علفا (طاهرا) أو متنجسا كشعير أصابه ماء نجس أو نجس العين كما هو ظاهر كلام التنبيه (فطاب) لحمها بزوال رائحته (حل) ما ذكر وإن علفت دون أربعين يوما اعتبارا بالمعنى. وأما خبر: حتى تعلف أربعين يوما والتقييد بالعلف الطاهر، فجرى على الغالب، وخرج بعلفت ما لو غسلت هي أو لحمها بعد ذبحها أو طبخ لحمها فزال التغير فإن الكراهة لا تزول، وكذا بمرور الزمان كما قاله البغوي وقال غيره: تزول قال الأذرعي وهذا ما جزم به المروزي تبعا للقاضي. وقال شيخنا: وهو نظير طهارة الماء المتغير بالنجاسة إذا زال التغير بذلك قال البلقيني: وهذا في مرور الزمان على اللحم، فلو مر على الجلالة أيام من غير أن تأكل طاهرا: أي أو غيره كما مر حلت، وإنما ذكر العلف بطاهر لأن الغالب أن الحيوان لا بد له من علف، ووافقه الزركشي على ذلك.
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548