مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٧٧
الجارح، وللأجنبي أخذ الصيد من فم جارح معلم استرسل بنفسه ويملكه بالأخذ كما لو أخذ فرخ طائر من شجرة غيره لا من فم غير معلم أرسله صاحبه لأن ما صاده ملك صاحبه تنزيلا لارساله منزلة نصب شبكة تعلق بها الصيد، ولو أرسله مسلم فازداد عدوه بإغراء مجوسي حل، لأن حكم الاسترسال لا ينقطع بالاغراء، وإن أرسله مجوسي فأغراه مسلم حرم لذلك. (ولو أصابه) أي الصيد (سهم بإعانة ريح) مثلا (حل) سواه اقترن الريح بابتداء رمي السهم أو هجم الريح قبل خروجه كما يقتضيه إطلاقهم. إذ لا يمكن الاحتراز عن هبوبها، بخلاف حملها الكلام حيث لا يقع به الحنث، لأن اليمين مبنية على العرف.
تنبيه: أشار المصنف كغيره بإعانتها إلى أنه لو صارت الإصابة منسوبة إلى الريح خاصة لم يحل، وبه صرح صاحب الوافي كما نقله عنه الزركشي وأقره، ولو أصاب السهم الأرض أو جدارا أو حجرا فازدلف ونفذ فيه أو تقطع الوتر عند نزع القوس فصدم الفوق فارتمى السهم وأصاب الصيد في الجميع حل، لأن ما يتولد من فعل الرامي منسوب إليه، إذ لا اختيار للسهم. (ولو أرسل سهما) مثلا (لاختبار قوته أو إلى غرض) يرمي إليه (فاعترضه صيد فقتله) ذلك السهم (حرم في الأصح) المنصوص، لأنه لم يقصد صيدا معينا ولا منهما، والثاني لا يحرم نظرا إلى قصد الفعل دون مورده كما لو قطع ما ظنه ثوبا بان حلق شاة، وفرق الأول بأنه هناك قصد عينا، بخلافه هنا.
تنبيه: قضية قوله: فاعترضه صيد أنه لو كان هناك صيد حل، وليس مرادا، بل الاعتبار بنية الاصطياد، كما نص عليه في الام والمختصر. فلو قال: لا يقصد لكان أشمل، وفي معنى ما ذكره ما لو أرسله على ما لا يؤكل كخنزير فأصاب صيدا فإنه لا يؤكل على الأصح، وكذا لو أرسل الكلب حيث لا صيد فاعترضه صيد فقتله لم يحل. (ولو رمى صيدا ظنه حجرا) أو حيوانا لا يؤكل فأصاب صيدا حل (أو) رمى (سرب) - بكسر السين - أي قطيع (ظباء) ونحوها من الوحوش (فأصاب واحدة) من ذلك السرب (حلت) أما في الأولى فلانه قتله بفعله، ولا اعتبار بظنه، وأما في الثانية فلانه قصد السرب، وهذه منه (وإن قصد واحدة) من السرب (فأصاب غيرها) منه (حلت في الأصح) المنصوص، سواء أكان العير على سمت الأولى أم لا لوجود قصد الصيد، والثاني المنع نظرا إلى أنها غير المقصودة، ولو أرسل كلبا على صيد فعدل إلى غيره ولو إلى غير جهة الارسال فأصابه ومات حل كما في السهم لأنه يعسر تكليفه ترك العدول، ولان الصيد لو عدل فتبعه حل قطعا، وظاهر كلامهم حله وإن ظهر للكلب بعد إرساله كما لو أرسله على صيد فأمسكه ثم عن له آخر فأمسكه فإنه يحل، سواء أكان عند الارسال موجودا أم لا، لأن المعتبر أن يرسله على صيد، وقد وجد، ولو قصد وأخطأ في الظن والإصابة معا كمن رمى صيدا ظنه حجرا أو خنزيرا فأصاب صيدا غيره حرم، لأنه قصد محرما، فلا يستفيد الحل، بخلاف عكسه بأن رمى حجرا أو خنزيرا ظنه صيدا فأصاب صيدا فمات حل، لأنه قصد مباحا.
فروع: لو رمى في ظلمة لعله يصادف صيدا فصادفه ومات لم يحل، لأنه لم يقصد قصدا صحيحا، وقد يعد مثله سفها وعبثا، ولو رمى شاة فأصابه مذبحها ولو اتفاقا بأن لم يقصده فقطعه حلت لأنه قصد الرمي إليها، ولو أحس بصيد في ظلمة أو من وراء شجرة أو غيرها فرماه فأصابه ومات حل لأن له به نوع علم، ولا يقدح هذا في عدم الحل برمي الأعمى، إذ البصير يصح رميه في الجملة بخلاف الأعمى. (ولو غاب عنه الكلب) الذي أرسله (والصيد) قبل أن يجرحه الكلب (ثم وجده) أي الصيد (ميتا حرم لاحتمال موته بسبب آخر، ولا أثر لتلطخ الكلب بالدم لاحتمال أن الكلب جرحه وأصابته جراحة أخرى (وإن جرحه) الكلب أو أصابه بسهم فجرحه جرحا يمكن إحالة الموت عليه (وغاب ثم
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548