مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٩١
يقدم الأول لأنه المالك أو الثاني لتحقق حاجته في الحال؟ وجهان، والراجح الثاني كما يعلم مما يأتي في الأطعمة اه‍. وهل تذبح قهرا شاة الغير التي لم يحتج إليها لكلبه المحترم المحتاج إلى الاطعام؟ وجهان، نقل في المجموع عن القاضي هنا أحدهما، وعلى نقله عن القاضي اقتصر في الأطعمة. نعم كالماء فيلزم مالكها بذلها له. والثاني: لا، لأن للشاة حرمة لأنها ذات روح.
والأوجه الأول. (ولو وهب له ماء) أو أقرضه (أو أعير دلوا) أو نحوه من آلات الاستقاء في الوقت، (وجب) عليه (القبول في الأصح) إذا لم يمكنه تحصيلها بشراء أو نحوه، لأن المسامحة بذلك غالبة فلا تعظم فيه المنة، فلو خالف وصلى متيمما أثم ولزمته الإعادة إلا أن يتعذر الوصول إليه بتلف أو غيره حالة تيممه فلا تلزمه الإعادة. والثاني: لا يجب قبول الماء للمنة كالثمن ولا قبول العارية إذا زادت قيمة المستعار على ثمن الماء لأنه قد يتلف، أي في غير المأذون فيه، فيضمن زيادة على ثمن الماء، أما تلفه في المأذون فيه فإنه لا ضمان فيه. وعلى الأول يجب عليه سؤال الهبة والعارية على الأصح إذا لم يحتج واهب الماء والمعير إليه وضاق الوقت عن طلب الماء، لأنه حينئذ يعد واجدا للماء ولا تعظم فيه المنة، وبهذا فارق عدم وجوب اتهاب الرقبة في الكفارة، فإن احتاج إليه الواهب لعطش حالا أو مآلا أو لغيره حالا أو اتسع الوقت لم يجب اتهابه كما اقتضاه كلامهم، ونقله الزركشي عن بعضهم وأقره وفي المجموع أنه لا يجب على مالك الماء الذي لا يحتاج إليه بذله لطهارة المحتاج إليه ببيع أو هبة أو قرض في الأصح. فإن قيل: لم وجب عليه قبول قرض الماء ولم يجب عليه قبول ثمنه وهو موسر به بمال غائب كما سيأتي؟ أجيب بأنه إنما يطالب بالماء عند الوجدان وحينئذ يهون الخروج عن العهدة، كذا وجهه الرافعي. فإن قيل: إن أريد وجدان الماء فقد نص الشافعي على أنه إذا أتلف الماء في مفازة ولقيه ببلد أن الواجب قيمته في المفازة، وإن أريد قيمته فقيمته وثمنه الذي يقرضه إياه سواء في المعنى، فإذن لا فرق. أجيب بأنا إنما أوجبنا على المتلف ذلك لتعديه، وأما المقترض فلم نأخذه إلا برضا من مالكه فيرد مثله مطلقا سواء أراد في البلد أم في المفازة وفاء بقاعدة القرض أنه يلزمه رد المثل، ولهذا يقول في عقد القرض: أقرضتك هذا، أو خذه بمثله، والمالك قد دخل على ذلك ووطن نفسه عليه، ومع التصريح بذلك فلا يغلظ على المقترض فيما هو عقد إرفاق. وأيضا لو قلنا إنه يلزم المقترض رد القيمة حيث تكون أكثر من المثل، لدخل ذلك في نهيه (ص) عن القرض الذي يجر منفعة. (ولو وهب ثمنه) أي الماء أو ثمن آلة الاستقاء أو أقرض ثمن ذلك وإن كان موسرا بمال غائب، (فلا) يجب قبوله بالاجماع لعظم المنة ولو من الوالد لولده. (ولو نسيه) أي الماء (في رحله أو أضله فيه فلم يجده بعد) إمعان (الطلب) وغلب على ظنه فقده، هذا تفسير إضلاله لأن النسيان لا يقال فيه ذلك وإذا غلب على ظنه فقده. (فتيمم) في الحالين وصلى ثم تذكره في النسيان ووجده في الاضلال، (قضى في الأظهر) لأنه في الحالة الأولى واجد للماء ولكنه قصر في الوقوف عليه فيقضي كما لو نسي ستر العورة وفي الثانية عذر نادر لا يدوم، والثاني: لا قضاء عليه في الحالين، لأن النسيان في الأولى عذر حال بينه وبين الماء فأشبه ما لو حال بينهما سبع ولأنه لم يفرط في الثانية في الطلب، ولو نسي ثمن الماء أو بئرا أو آلة الاستقاء كما بحثه بعض المتأخرين فالحكم كذلك. (ولو أضل رحله في رحال) بسبب ظلمة أو غيرها فتيمم وصلى ثم وجده وفيه الماء، فإن لم يمعن في الطلب قضى لتقصيره، وإن أمعن فيه (فلا يقضي) إذ لا ماء معه حال التيمم. وفارق إضلاله في رحله بأن مخيم الرفقة أوسع غالبا من مخيمه فلا يعد مقصرا. ويؤخذ منه كما قال شيخنا أن مخيمه إن اتسع كما في مخيم بعض الامراء يكون كمخيم الرفقة. ولو أدرج الماء في رحله ولم يشعر به أو لم يعلم ببئر خفية هناك فلا إعادة وكان الأولى تأخير هاتين المسألتين إلى آخر الباب عند ذكره ما يقضى من الصلاة، فإن الكلام الآن في الأسباب المبيحة. ولو تيمم لاضلاله عن القافلة، أو عن الماء، أو لغصب مائه فلا إعادة عليه بلا خلاف، ذكره في المجموع.
فروع: لو أتلف الماء في الوقت لغرض كتبرد وتنظف وتحير مجتهد لم يعص للعذر، أو أتلفه عبثا في الوقت أو بعده عصى لتفريطه بإتلاف ما تعين للطهارة. ولا إعادة عليه إذا تيمم في الحالين، لأنه تيمم وهو فاقد للماء، أما إذا أتلفه قبل الوقت
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532