فالراكب مقر بالقيمة، و المالك ينكرها ويدعي الأجرة، فيخرج على الخلاف السابق في كتاب الاقرار: أن اختلاف الجهة، هل يمنع الاخذ؟ إن قلنا: نعم، سقطت القيمة برده. وفيمن القول قوله في الأجرة، الطريقان في الحال الأول. وإن قلنا:
لا، فإن كانت الأجرة مثل القيمة أو أقل، أخذ ها بلا يمين. وإن كانت أكثر، أخذ قدر القيمة. وفي المصدق في الزائد، الخلاف السابق.
المسألة الثانية: قال المتصرف: أعرتني هذه الدابة أو الأرض، فقال المالك: بل غصبتنيها، فإن لم تمض مدة لها أجرة، فلا معنى للمنازعة، فيرد المال إلى مالكه. وإن مضت مدة لها أجرة، فنقل المزني: أن القول قول المستعير.
وللأصحاب طرق. أصحها: أنها على الطريقين في المسألة الأولى، ففي طريق:
يفرق بين الأرض والدابة. وفي طريق: هما على قولين. والطريق الثاني: القطع بأن القول قول المتصرف، لأن الظاهر أنه تصرف بحق. والثالث: القطع بأن القول قول مالكه، لان الأصل عدم إذنه. ومن قال بهذا، خطأ المزني في النقل. قال الشيخ أبو حامد: لكنه ضعيف، لان الشافعي رضي الله عنه نص في الام على ما نقله المزني، هذا إذا كانت العين باقية. فلو تلفت، نظر، إن تلفت بعد مدة لها أجرة، فالمالك يدعي أجرة المثل والقيمة بالغصب، والمتصرف ينكر الأجرة ويقر بالقيمة بجهة العارية، فالحكم في الأجرة على ما ذكرنا عند بقاء العين. وأما القيمة، فقال البغوي: إن قلنا: اختلاف الجهة يمنع الاخذ، لم يأخذها إلا باليمين، وإلا، فإن قلنا: العارية تضمن ضمان الغصب، أو لم نقل به، وكانت القيمة يوم التلف أكثر، أخذها بلا يمين، وإن كانت يوم التلف أقل، أخذها بلا يمين، وفي الزيادة يحتاج إلى اليمين. وإن هلكت قبل مدة لها أجرة، لزمه القيمة. ثم قياس ما ذكره البغوي: أنا إن جعلنا اختلاف الجهة مانعا من الاخذ، حلف، وإلا، فيأخذ بلا يمين، ومقتضى كلام الامام: أن لا يخرج على ذلك الخلاف، لا هذه الصورة، ولا ما إذا كان الاختلاف بعد مدة لها أجرة، قال: لأن العين متحدة ولا أثر للاختلاف في الجهة مع اتحاد العين. والأول أصح.
الثالثة: قال المالك: غصبتنيها، وقال المتصرف: بل أجرتني، فالمذهب: