الثالث: أن يقول: جعلتها لك عمرك، فإذا مت عادت إلي أو إلى ورثتي إن كنت مت. فان قلنا بالبطلان في الحال الثاني، فهنا أولى. وإن قلنا بالصحة والعود إلى الواهب، فكذا هنا. وإن قلنا بالجديد، فوجهان. أحدهما: البطلان.
والصحيح: الصحة، وبه قطع الأكثرون، وسووا بينه وبين حالة الاطلاق، وكأنهم أخذوا باطلاق الأحاديث الصحيحة وعدلوا به عن قياس الشروط الفاسدة.
وأما الرقبى: فهو أن يقول: وهبت لك هذه الدار عمرك، على أنك إن مت قبلي عادت إلي. وإن مت قبلك استقرت لك، أو جعلت هذه الدار لك رقبى، أو أرقبتها لك. وحكمها حكم الحال الثالث من العمرى، وحاصله طريقان.
أحدهما: القطع بالبطلان. وأصحهما: قولان. الجديد الأظهر: صحته، ويلغو الشرط. فالحاصل أن المذهب صحة العمرى والرقبى في الأحوال الثلاثة، فإذا صححناهما وألغينا الشرط، تصرف المعمر في المال كيف شاء. وإن أبطلنا العقد أو جعلناه عارية، فلا يخفى أنه ليس له التصرف بالبيع ونحوه وإن قلنا بصحة العقد والشرط، فباع الموهوب له ثم مات، فقد ذكر الامام احتمالين. أصحهما عنده: لا ينفذ البيع، لان مقتضى البيع التأبيد، وهو لم يملك إلا مؤقتا، فكيف يملك غيره ما لم يملكه؟ والثاني: ينفذ كبيع المعلق عتقه على صفة، وبهذا قطع ابن كج وعلله بأنه ملك في الحال، والرجوع أمر يحدث، وشبهه برجوع نصف الصداق بالطلاق قبل الدخول. فإذا صححنا بيعه، فيشبه أن يرجع الواهب في تركته بالغرم رجوع الزوج إذا طلق بعد خروج الصداق عن ملكها. قال الامام: وفي رجوع المال إلى ورثة الواهب إذا مات قبل الموهوب له، استبعاد، لأنه إثبات ملك لهم فيما لم يملكه المورث، لكنه كما لو نصب شبكة فوقع بها صيد بعد موته، يكون ملكا للورثة.
والصحيح: أنه تركة تقضى منها ديونه وتنفذ الوصايا.
فرع قال: جعلت هذه الدار لك عمري أو حياتي، فوجهان. أحدهما:
أنه كقوله: جعلتها لك عمرك أو حياتك، لشمول اسم العمرى. وأصحهما:
البطلان، لخروجه عن اللفظ المعتاد، ولما فيه من تأقيت الملك، فإنه قد يموت الواهب أولا، بخلاف العكس، فإن الانسان لا يملك إلا مدة حياته، فلا توقيت