وإن كان بعد الفراغ من الأركان وقبل الرمي والمبيت ففيه طريقان، أحدهما يلزمه أن يرد من الأجرة بقدر ما ترك قولا واحدا لأنه ترك بعض ما استؤجر عليه فلزمه رد بدله، كما لو استؤجر على بناء عشرة أذرع فبنى تسعة، ومنهم من قال: فيه قولان (أحدهما) يلزمه لما ذكرناه (والثاني) لا يلزمه لان ما دخل على الحج من النقص بترك الرمي والمبيت جبره بالدم، فصار كما لو لم يتركه، وإن كان بعد الاحرام وقبل أن يأتي بباقي الأركان ففيه قولان (أحدهما) لا يستحق شيئا كما لو قال من رد عبدي الآبق فله دينار فرده رجل إلى باب البلد ثم هرب (والثاني) انه يستحق بقدر ما علمه وهو الصحيح، لأنه عمل بعض ما استؤجر عليه فأشبه إذا استؤجر على بناء عشرة أذرع فبنى بعضها ثم مات.
فإذا قلنا: إنه يستحق بعض الأجرة فهل تقسط الأجرة على العمل والمسافة أو على العمل دون المسافة؟ على ما ذكرناه من القولين.
(فصل) وان اجر عبدا ثم أعتقه صح العتق لأنه عقد على منفعة فلم يمنع العتق كما لو زوج أمته ثم أعتقها، ولا تنفسخ الإجارة كما لا ينفسخ النكاح، وهل يرجع العبد على مولاه بالأجرة؟ فيه قولان، قال في الجديد: لا يرجع وهو الصحيح، لأنها منفعة استحقت بالعقد قبل العتق فلم يرجع ببدلها بعد العتق كما لو زوج أمته ثم أعتقها، وقال في القديم: يرجع لأنه فوت بالإجارة ما ملكه من منفعته بالعتق، فوجب عليه البدل. فان قلنا يرجع بالأجرة كانت نفقته على نفسه لأنه ملك بدل منفعته فكانت نفقته عليه، كما لو أجر نفسه بعد العتق، وان قلنا: لا يرجع بالأجرة ففي منفعته وجهان.
(أحدهما) انها على المولى، لأنه كالباقي على ملكه بدليل أنه يملك بدل منفعته بحق الملك، فكانت نفقته عليه.
(والثاني) أنها في بيت المال لأنه لا يمكن ايجابها على المولى، لأنه زال ملكه عنه، ولا على العبد لأنه لا يقدر عليها في مدة الإجارة، فكانت في بيت المال.