وقول ثالث لم يذكره المصنف، وهو قول ابن الرفعة: لا خيار ولا فسخ أخذا من النص، وقد استشهد له الغزي. قال الرملي: فيه نظر. وقال الأذرعي هو مشكل وما أظن الأصحاب يسمحون به وإن كانت الإجارة على عمل في الذمة كخياطة ثوب أو حمل شئ إلى موضع معين فغصبت الماكينة التي يخيط. بها، أو العربة التي يحمل عليها لم ينفسخ العقد وللمستأجر مطالبة الأجير بعوض المغصوب وإقامة من يعمل العمل، لأن العقد على ما في الذمة، كما لو وجد بالمسلم فيه عيبا فرده، فان تعذر البدل ثبت للمستأجر الخيار بين الفسخ أو الصبر إلى أن يقدر على العين المغصوبة فيستوفى منها (فرع) وتنفسخ الإجارة بموت الطفل، لأنه يتعذر استيفاء المعقود عليه لأنه لا يمكن إقامة غيره مقامه لاختلاف الصبيان في الرضاع واختلاف اللبن باختلافهم، فإنه قد يدر على أحد الوالدين دون الآخر، وهذا هو منصوص الشافعي، فإذا انفسخ العقد بطلت الإجارة من أصلها بالاجر كله. وإن كان في أثناء المدة رجع بحصة ما بقي.
ومن أصحابنا من خرج قولا آخر انه لا ينفسخ، لان المنفعة باقية ببقاء المرضعة وإنما المستوفى هو الذي هلك والعقد باق بين المتعاقدين فإذا تراضيا على إرضاع صبي آخر جاز والا انفسخ العقد.
أما إذا ماتت المرضعة فان الإجارة تنفسخ لفوات المنفعة بهلاك محلها، وحكى عن بعض أصحاب أحمد أنها لا تنفسخ، وكذلك ذهب بعض الأصحاب وقالوا: يجب في مالها أجر من ترضعه تمام الوقت لأنه كالدين.
(فرع) يجوز أن يستأجر طبيبا يخلع له ضرسه لأنها منفعة مباحة مقصوده فجاز الاستئجار على فعلها كالختان، فإذا برأ الضرس قبل قلعه انفسخت الإجارة لان قلعه سليما لا يجوز، وان لم يبرأ لكن امتنع المستأجر من قلعه لم يجبر عليه لان اتلاف جزء من الآدمي محرم في الأصل، وإنما أبيح القلع إذا صار بقاؤه ضررا، والامر مفوض إلى الانسان في نفسه إذا كان أهلا لذلك. وصاحب الضرس أعلم بمضرته ومنفعته، وكذلك. وإذا استأجر طبيبا في الرمد ليكحل عينه بالنترات والأكاسيد فلم يبرأ عينه استحق الاجر، وبه قال أكثر الفقهاء.