(الشرح) إذا هرب الأجير أو شردت الدابة المتاجرة أو أخذ المؤجر العين وهرب بها، أو منعه استيفاء المنفعة من غير هرب على نحو ما، لم تنفسخ الإجارة، لكن يثبت للمستأجر خيار الفسخ، فان فسخ فلا كلام، وان لم يفسخ انفسخت الإجارة بمضي المدة يوما فيوما، فان عادت العين في أثناء المدة استوفى ما بقي منها، فان انقضت المدة انفسخت الإجارة لفوات المعقود عليه، وإن كانت الإجارة على موصوف في الذمة، كخياطة ثوب أو بناء حائط أو حمل إلى موضع معين استؤجر من ماله من يعلمه، كما لو أسلم إليه في شئ فهرب ابتيع من ماله، فإن لم يمكن ثبت للمستأجر الفسخ، فان فسخ فلا كلام، وان لم يفسخ وصبر إلى أن يقدر عليه فله مطالبته بالعمل، لان ما في الذمة لا يفوت بهربه، وكل موضع امتنع الأجير من العمل فيه، أو منع المؤجر المستأجر من الانتفاع إذا كان بعد عمل البعض فلا أجر له فيه على ما سبق، الا أن يرد العين قبل انقضاء المدة أو يتم العمل - ان لم يكن على مدة - قبل فسخ المستأجر، فيكون له أجر ما عمل.
فأما ان شردت الدابة أو تعذر استيفاء المنفعة بغير فعل المؤجر فله من الاجر بقدر ما استوفى بكل حال، والى هذا كله ذهب الحنابلة (فرع) إذا غصبت العين المستأجرة من يد المستأجر ففيه قولان: أحدهما للمستأجر الفسخ لان فيه تأخير حقه، فان فسخ فالحكم فيه كما لو انفسخ العقد بتلف العين سواء، وان لم يفسخ حتى انقضت مدة الإجارة فله الخيار بين الفسخ والرجوع بالمسمى، وبين البقاء على العقد ومطالبة الغاصب بأجرة المثل، لان المعقود عليه لم يفت مطلقا بل إلى بدل وهو القيمة، فأشبه ما لو أتلف الثمرة المبيعة آدمي قبل قطعها، ويتخرج انفساخ العقد بكل حال على القول بأن المنافع الغصب لا تضمن، وهو محل خلاف بين أصحابنا، وهو قول أصحاب الرأي وأصحاب أحمد.
(والثاني) لا تخيير، بل ينفسخ ويرجع المستأجر على المؤجر بالمسمى ويرجع المؤجر على الغاصب بأجرة المثل