وإن كانت الإجارة على حج في الذمة تبطل، لان المعقود عليه لم يفت بموته، فإن كان وقت الوقوف باقيا استؤجر من تركته من يحج، وان فات وقت الوقوف فللمستأجر ان يفسخ لأنه تأخر حقه فثبت له الفسخ.
وان قلنا: يجوز البناء على فعل الأجير: فإن كانت الإجارة على فعل الأجير بنفسه، بطلت لان حجه فات بموته، فإن كان وقت الوقوف باقيا أقام المستأجر من يحرم بالحج ويبنى عمل الأجير، وإن كان بعد فوات وقت الوقوف أقام من يحرم بالحج ويتم.
وقال أبو إسحاق: لا يجوز للباني أن يحرم بالحج، لان الاحرام بالحج في غير أشهر الحج لا ينعقد، بل يحرم بالعمرة ويتم، والصحيح هو الأول لأنه لا يجوز ان يطوف في العمرة ويقع عن الحج، وقوله: ان الاحرام بالحج لا ينعقد في غير أشهر الحج لا يصح، لان هذا بناء على إحرام حصل في أشهر الحج، وإن كانت الإجارة على حج في الذمة استؤجر من تركه الأجير من يبنى على إحرامه على ما ذكرناه.
(فصل) ومتى انفسخ العقد بالهلاك أو بالرد بالعيب أو بتعذر المنفعة بعد استيفاء بعض المنفعة قسم المسمى على ما استوفى وعلى ما بقي، فما قابل المستوفى استقر، وما قابل الباقي سقط، كما يقسم الثمن على ما هلك من المبيع وعلى ما بقي، فإذا كان ذلك مما يختلف رجع في تقويمه إلى أهل الخبرة، وإن كان العقد على الحج فمات الأجير أو أحصر نظرت، فإن كان بعد قطع المسافة وقبل الاحرام ففيه وجهان (أحدهما) وهو قول أبي إسحاق: انه لا يستحق شيئا من الأجرة بناء على قوله في الام: إن الأجرة لا تقابل قطع المسافة وهو الصحيح، لان الأجرة في مقابلة الحج وابتداء الحج من الاحرام وما قبله من قطع المسافة تسبب إلى الحج وليس بحج فلم يستحق في مقابلته اجرة كما لو استأجر رجلا ليخبز له فأحضر الآلة وأوقد النار ومات قبل أن يخبز.
(والثاني) وهو قول أبي سعيد الإصطخري وأبى بكر الصيرفي أنه يستحق من من الأجرة بقدر ما قطع من المسافة بناء على قوله في الاملاء أن الأجرة تقابل قطع المسافة والعمل لان الحج لا يتأدى الا بهما فقسطت الأجرة عليهما.