(الشرح) إذا مات الأجير في أثناء الحج فله أحوال:
1 - يموت بعد الشروع في الأركان وقبل الفراغ منها.
2 - ان يموت بعد الشروع في السفر وقبل الاحرام.
3 - أن يموت بعد الفراغ من الأركان وقبل الفراغ من باقي الأعمال.
فأما الأولى وهي الموت بعد الشروع وقبل الفراغ من الأركان ففي استحقاق الأجرة قولان مشهوران أوردهما المصنف هنا (أحدهما) لا يستحق شيئا لأنه لم يحصل المقصود فهو كما لو قال: من رد ضالتي فله دينار فرده إلى باب الدار ثم هربت أو ماتت فإنه لا يستحق شيئا، وأصحهما عند المصنف، ووافقه النووي والأصحاب يستحق بقدر عمله، لقيامه بجزء مما استؤجر له فوجب له بقدره كمن استؤجر لقطع عشرة أميال فقطع بعضها أو بناء عشرة أذرع فبنى بعضها ثم مات فإنه يستحق بقدره بخلاف الجعالة فإنها ليست عقدا لازما، ولكنها التزام بشرط فإن لم يوجد الشرط تاما فإنه لا يلزمه شئ كالطلاق المعلق، ونقل النووي عن الشيخ أبى حامد والأصحاب القول الأول وهو نص الشافعي في القديم، والثاني نصه في الجديد والام وهو الأصح.
وسواء مات بعد الوقوف بعرفة أو قبله ففيه القولان، هذا هو المذهب.
وحكى الرافعي وجها شاذا أنه يستحق بعده، ثم في استحقاقه إذا قلنا به هل يكون على الأعمال والمسافة معا أم على الأعمال فقط؟ قولان، أصحهما:
على الأعمال والمسافة جميعا عند الأكثرين، وممن صححه الرافعي، وأصحهما عند المصنف وطائفة على الأعمال فقط، وفى المسألة طريق آخر ساقه النووي عن ابن سريج أنه إن قال: استأجرتك لتحج عنى قسط على العمل فقط، وان قال:
لتحج من بلد كذا قسط عليهما جميعها، وحمل القولين على هذين الحالين.
وأما الحال الثانية: وهي أن يموت قبل الاحرام وبعد الشروع في السفر، ففيه وجهان مشهوران الصحيح ومنصوص الشافعي في القديم والجديد، وبه قطع الجمهور: لا يستحق شيئا من الأجرة لأنه لم يقم بشئ من أعمال الحج، وليست المسافة بسبب الحج من الحج كما لو أجر خبازا ليخبز له فاستحضر أدواته