وأوقد تنوره ثم مات قبل أن يخبز فلا استحقاق له: وساق النووي تعليلا لغير المصنف بأنه لم يحصل شيئا من المقصود.
والوجه الثاني وهو قول أبي سعيد الإصطخري وأبى بكر الصيرفي: يستحق من الأجرة بقدر ما قطع من المسافة. وحكى الرافعي وجها ثالثا عن أبي الفضل ابن عبدان أنه إن قال: استأجرتك لتحج من بلد كذا استحق بقسطه، ثم في البناء على فعل الأجير نظر، إن كانت إجارة عين انفسخت ولا بناء لورثة الأجير كما لو لم يكن له أن يستنيب، وهل للمستأجر أن يستأجر من يبنى؟ فيه القولان السابقان في الفرع قبله في جواز البناء، وإن كانت الإجارة على الذمة، فإن قلنا: لا يجوز البناء فلورثة الأجير أن يستأجروا من يستأنف الحج عن المستأجر، فإن أمكنهم في تلك السنة لبقاء الوقت فذاك، وان تأخر إلى القابل ثبت الخيار في فسخ الإجارة، فان جوزنا البناء فلورثة الأجير أن يبنوا.
وأما الحال الثالثة: وهي موتة قبل الفراغ من الأعمال بعد أدائه الأركان فينظر، إن كان قد فات وقتها أو لم يفت ولم نجوز البناء يجبر الباقي بالدم من مال الأجير، وفى رد شئ من الأجرة الخلاف فيمن أحرم بعد مجاوزة الميقات ولم يعد إليه وجبره بالدم، المذهب وجوب الرد وان جوزنا البناء وكان الوقت متسعا فإن كانت الإجارة على العين انفسخت في الباقي من الأعمال، ووجب رد ما يقابلها من الأجرة، ويستأجر المستأجر من يرمى ويبيت، ولا حاجة إلى الاحرام لان الرمي والمبيت يؤديان بعد التحلل، ولا يلزم بذلك دم ولا شئ من الأجرة، هكذا ذكره المتولي وغيره، والله تعالى أعلم بالصواب.
قال المصنف رحمه الله:
(فصل) وان أجر عينا ثم باعها من غير المستأجر ففيه قولان، أحدهما:
أن البيع باطل لان يد المستأجر تحول دونه فلم يصح البيع، كبيع المغصوب من غير الغاصب، والمرهون من غير المرتهن، والثاني: يصح لأنه عقد على المنفعة فلم يمنع صحة البيع، كما لو زوج أمته ثم باعها ولا تنفسخ الإجارة كما لا ينفسخ النكاح في بيع الأمة المزوجة. وان باعها من المستأجر صح البيع قولا واحدا