(والوجه الثاني) أن له الخيار لتفريق الصفقة عليه بين المقام على الإجارة فيما مضى وبين فسخها فيه، فان أقام على الماضي لزمه من الأجرة ما ذكرناه من الحساب والقسط، وكان بعض أصحابنا يخرج قولا آخر أن يقيم بجميع الأجرة والا فسخ، وهو قول من يجعل الفساد الطارئ كالفساد المقارن، وان فسخ الإجارة في الماضي لزمه فيه أجرة المثل، لان الفسخ قد رفع العقد فسقط حكم المسمى فيه.
(فرع) وجملة بيان هذه الفصول ان من استأجر عينا مدة فحيل بينه وبين الانتفاع بها لم يخل من أقسام ثلاثة.
(أحدها) ان تتلف العين كنفوق دابة فهذا على ثلاثة أضرب، أحدها:
ان تتلف العين قبل قبضها، فان الإجارة تنفسخ بغير خلاف نعلمه، لان المعقود عليه تلف قبل قبضه فأشبه ما لو تلف الطعم المبيع قبل قبضه.
(والثاني) أن تتلف عقيب قبضها، فان الإجارة تنفسخ أيضا ويسقط الاجر عند عامة الفقهاء الا أبا ثور حكى عنه أنه قال: يستقر الاجر، لان المعقود عليه أتلف بعد قبضه أشبه المبيع، وهذا غلط، لان المعقود عليه المنافع، وقبضها استيفاؤها أو التمكن من استيفاؤها، ولم يحصل ذلك فأشبه تلفها قبل قبض العين (والثالث) أن تتلف بعد مضى شئ من المدة، فان الإجارة تنفسخ فيما بقي من المدة دون ما مضى، ويكون للمؤجر من الاجر بقدر ما استوفى من المنفعة، هذا معنى ما نقلناه من الام قبل. وقال أحمد فيما رواه عنه إبراهيم بن الحارث:
إذا اكترى بعيرا بعينه فنفق البعير يعطيه بحساب ما ركب، وذلك لما ذكرنا من أن المعقود عليه المنافع، وقد تلف بعضها قبل قبضه فبطل العقد فيما تلف دون ما قبض، كما لو اشترى صبرتين فقبض إحداهما وتلفت الأخرى قبل قبضها.
فإن كان المستأجر مختلف الاجر حسب اختلاف الأزمان كدار بسيف البحر إيجارها صيفا أكثر من أجرها شتاء، أو دار بأسوان أجرها شتاء أكثر من أجرها صيفا أو دار لها موسم كدور مكة شرفها الله رجع في تقويمه إلى أهل الخبرة