(أحدهما) يضمن ثلث الثلث.
(والثاني) انه يضمن أقل ما يجزئ ان يعطيه ثالثا ويخص به غارما في بلد المال، ومن كان منهم ذا رحم أولى لما في صلتها من زيادة الثواب، فإن لم يكونوا فجيران المال لقوله تعالى (والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب) ولقوله صلى الله عليه وسلم (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه) قال الشافعي: وأقصى الجوار منهم أربعون دارا من كل ناحية، وهكذا لو أوصى لجيران كان جيرانه منتهى أربعين دارا من كل ناحية، وقال قتادة. الجار الدار والداران، وقال سعيد بن جبير: هم الذين يسمعون الإقامة، وقال أبو يوسف هم أهل المسجد. ودليلنا ما روى أن رجال كان نازلا بين قوم فاتى للنبي صلى الله عليه وسلم يشكوهم، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر وعليا رضي الله عنه م وقال: اخرجوا إلى باب المسجد وقولوا: الا أن الجوار أربعون دارا.
قلت: فإذا صح ما استدل به الماوردي من بعث الصحابة الثلاثة ليبلغوا عنه صلى الله عليه وسلم هذا كان دليلا مسندا للمذهب والا كان تحديد الأربعون اجتهادا وعرفا يصار إليهما على أنه قد استغل بعض السفهاء من واضعي الحديث حث القرآن والسنة على حسن الجوار فجعلوه مرتعا لأحاديث غير شريفة، من ذلك ما روى عن جابر رضي الله عنه مرفوعا (الجيران ثلاثة: جار له حق واحد وهو أدنى الجيران وجار له حقان وجار له ثلاثة حقوق، فاما الذي له حق واحد فجار مشرك لا رحم له، له حق الجوار، واما الذي له الحقان فجار مسلم له حق الاسلام وحق الجوار، واما الذي له ثلاثة حقوق فجار مسلم ذو رحم له حق الاسلام وحق الجوار وحق الرحم، وهذا الحديث رواه البزار عن شيخه محمد الحارثي وهو وضاع، وفيما روى من الأحاديث الصحيحة غنى، الا ان الحديث الذي ساقه الماوردي قد رواه الطبراني عن كعب بن مالك ولفظه، اتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله انى نزلت في محلة بنى فلان، وان أشدهم لي اذى أقربهم لي جوارا فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر وعليا