وان ملك الموقوف عليه المنفعة فعلى هذا هل يصير الموصى له مالكا، وان منع من بيعها أم لا. على وجهين (أحدهما) لا يملكها لاختصاص الوصية بمنافعها (والثاني) يملكها كما يملك أم الولد. وإن كان ممنوعا من بيعها لتقويمها عليه في الثلث، وهذا قول أبى حامد المروروذي. هذا إذا قيل إن الرقبة هي المقرمة والوجه الثاني: انه يقوم منافع الموصى به في الثلث دون الرقبة، لان التقويم إنما يختص بما تضمنته الوصية، ولا يجوز ان يتجاوز بالتقويم إلى غيره ولأنه لو أوصى بالمنفعة لرجل وبالرقبة لرجل لم يقوم في حق صاحب المنفعة الا المنفعة دون الرقبة. كذلك إذا استبقى الرقبة على ملك الورثة واعتبار ذلك أن يقوم: كم قيمة الموصى به بمنافعه. فإذا قيل مائة دينار، قيل: وكم قيمته مسلوب المنافع، فذا قيل عشرون دينارا علم أن قيمة منافعه ثمانون دينارا فتكون هي القدر المعتبر من الثلث.
فعلى هذا هل يحتسب الباقي من قيمة الرقبة وهو عشرون دينارا على الورثة في ثلثيهم أم لا. على وجهين (أحدهما) يحتسب به عليهم، لأنه قد دخل ملكهم وهذا قول أبي إسحاق المروزي (والوجه الثاني) لا يحتسب به عليهم لان ما زالت عنه المنفعة زال عنه التقويم.
فإذا ثبت ما ذكرناه وخرج القدر الذي اعتبرناه من الثلث صحت الوصية بجميع المنفعة، وكان للموصى له استخدامه أبدا ما كان حيا وأخذ جميع أكسابه المألوفة، وهل يملك ما كان غير مألوف منها، على وجهين: أصحهما يملكه. وفى نفقته ثلاثة أوجه (أحدها) وهو قول أبي سعيد الإصطخري انها على الموصى له بالمنفعة، لان النفقة تختص بالكسب (والثاني) وهو قول أبي علي بن أبي هريرة انها على الورثة لوجوبها بحق الملك (والثالث) وهو ما حكاه أبو حامد الأسفراييني تجب في بيت المال لان كل واحد من مالكي المنفعة والرقبة لم يكمل فيه استحقاق وجوبها عليه فعدل بها إلى بيت المال، فان مات الموصى له فهل تنتقل المنفعة إلى وارثه املا، على وجهين حكاهما أبو علي الطبري في الافصاح (أحدهما) ان المنفعة تنتقل إلى ورثته لتقويمها على الأبد في حقه، فعلى هذا تكون المنفعة مقدرة بحياة العين.