على الوجه الأول أو من المنافع على الوجه الثاني نظر، فان خرج جميعه من الثلث صحت الوصية له بخدمة جميع السنة. وان خرج ثلثه من الثلث رجعت الوصية إلى ثلثها واستخدمه ثلث السنة فإذا تقرر انه على هذه العبرة استحق استخدامه جميع السنة، فلا يخلو أن يكون في التركة مال غير العبد أم لا. فإن كان في التركة مال غيره إذا أمكن الموصى من استخدامه سنة أمكن الورثة أن يتصرفوا من التركة في تلك السنة بما يقابل مثل العبد، فللموصى له ان يستخدم جميع العبد سنة متوالية حتى يستوفى جميع وصيته، والورثة لا يمنعون من التصرف في رقبة العبد حتى تمضي السنة فإن باعوا الموصى بمنافعه عبدا كان أو فرسا أو سيارة أو بينا قبل مضى السنة كان في بيعه قولان كالعبد المؤاجر.
وان لم يكن في التركة مال غير الموصى بمنافعه ولا خلف الموصى سواه ففي كيفية انتفاع الموصى له سنة ثلاثة أوجه حكاها ابن سريج. أحدها انه ينتفع به سنة متوالية ويمنع الورثة من استخدامه والتصرف فيه حتى يستكمل الموصى له سنة وصيته، ثم حينئذ يخلص للورثة بعد انقضائها. والوجه الثاني: انه يستخدم ثلث الموصى به ثلاث سنين، ويستخدم الورثة ثلثيه حتى يستوفى الموصى له سنة وصيته في ثلاث سنين لئلا يختص الموصى له بما لم يحصل للورثة مثلاه.
والوجه الثالث: ان يتهايأ عليه الموصى له والورثة، فيستخدمه الموصى له يوما والورثة يومين حتى يستوفى سنة وصيته في ثلاث سنين. والوجه الأول أصح لأنهم قد صاروا إلى ملك الرقبة فلم يلزم ان يقابلوا الموصى له بمثلي المنفعة لان حق الموصى له في استخدام الموصى به جميعه، فلم يجز ان يجعل في ثلثه، ولان حقه مفضل ومعجل فلم يجز ان يجعل مرجأ أو مفرقا وإذا كانت الوصية بالمنفعة على التأبيد، كان قال أوصيت لزيد باستخدام سيارتي أبدا فالوصية جائزة إذا حملها الثلث واختلف أصحابنا في الذي يعتبر قيمته في الثلث على وجهين (أحدهما) قاله الشافعي رضي الله عنه في اختلاف العراقيين، وهو اختيار أبى العباس بن سريج انه تقوم جميع الرقبة في الثلث، وان اختصت الوصية بالمنفعة كما تقوم رقبة الوقف في الثلث.