أما كراء البقر للحرث فقد ثبت بالنص والعرف قال النبي صلى الله عليه وسلم (بينما رجل يسوق بقرة أراد أن يركبها فقالت: إني لم أخلق لهذا، وإنما خلقت للحرث، رواه الشيخان، على أن هذا يحتاج إلى شرطين، معرفة الأرض وتقدير العمل، فأما الأرض فلا تعرف الا بالمشاهدة لاختلافها صلابة ورخاوة وسعة وضيقا وقد كانت الأرض تقدر مساحتها بالجربان جمع جريب وهو ما يبلغ ستين ذراعا مربعا مهيأ للزرع ولذلك كانوا يقولون فلان يملك ألف جريب وألف خريب ويعنون بالخريب غير المهيأ للزراعة ويحتاج إلى اصلاح حتى يكون جريبا، ومن هنا اختلف كراء الجريب عن الخريب لان الجريب تكون مستوية السطح خالية من الحجارة والحفر بعكس الخريب لذلك وجب رؤيتها لأنها لا تعرف الا بالمشاهدة وأما تقدير العمل فيجوز بأحد شيئين اما بالمدة كيوم ويومين واما بالأرض كهذه القطعة، أو من هذا المكان أو بالمساحة كقصبة أو قصبتين (والقصبة 355 س م.) والفدان 333 وثلث قصبة.
أما الدراس أو الدياس والدياس جعلوها مصدرا لداس يدوس دوسا ودياسا مثل الدراس فمن علماء اللغة من ينكر كون الدياس من كلام العرب، ومنهم من يقول: هو مجاز وكأنه مأخوذ من داس الأرض دوسا إذا شدد وطأه عليها بقدمه، والمدوس الذي تداس به الحنطة بكسر الميم لأنه آلة.
وأما المداس الذي ينتعله الانسان فإن صح سماعه فقياسه كسر الميم لأنه آلة والا فالكسر أيضا حملا على النظائر الغالبة من العربية، ولا أدرى وجه صاحب القاموس المحيط في جعله زنة سحاب قلت: أما تأجير البقر للدراس أو غير البقر فأشبه الحرث في معرفة نوع الزرع المراد دياسه وهل بالنورج أم بدونه وعلى مدة ومعرفة الحيوان، لان الغرض يختلف باختلافه، فمن الحيوانات ما يكون نجس البول والروث فيختلط بالطعام فيحتاج إلى اختياره وتحديد نوعه وكذلك إدارة الرحى للطحن يفتقر إلى شيئين، معرفة الحجر بالمشاهدة، واما بصفة تعرف بها حالته من الثقل أو الخفة وتقدير العمل اما بالزمان كيوم ويومين ونوع المطحون فقد يكون عسير الطحن لصلابته.