(فصل) وان استأجر رجلا ليحفر له بئرا أو نهرا لم يصح العقد حتى يعرف الأرض لان الحفر يختلف باختلافها ولا يصح حتى يذكر الطول والعرض والعمق، لان الغرض يختلف باختلافها، وان استأجر لبناء حائط لم يصح العقد حتى يذكر الطول والعرض وما يبنى به من الآجر واللبن والجص والطين، لان الاغراض تختلف باختلافها، وان استأجره لضرب اللبن لم يصح حتى يعرف موضع الماء والتراب، ويذكر الطول والعرض والسمك والعدد، وعلى هذا جميع الأعمال التي يستأجر عليها.
وإن كان فيما يختلف الغرض باختلافه، رجع فيه إلى أهل الخبرة ليعقد على شرطه، كما إذا أراد أن يعقد النكاح، ولم يعرف شروط العقد رجع إلى من يعرفه ليعقد بشروطه، وان عجز عن ذلك فوضه إلى من يعرفه ليعقد بشرطه كما يوكل الأعمى في البيع والشراء من يشاهد المبيع.
(فصل) وان استأجر رجلا ليلقنه سورة من القرآن لم يصح حتى يعرف السورة لان الغرض يختلف باختلافها، وإن كان على تلاوة عشر آيات من القرآن لم يصح حتى يعينها لان آيات القرآن تختلف، فإن كان على عشر آيات من سورة معينة ففيه وجهان (أحدهما) لا يصح، لان الأعشار تختلف (والثاني) يصح، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال (جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرضت نفسها عليه، فقال لها: اجلسي بارك الله فيك، أما نحن فلا حاجة لنا فيك، ولكن تملكيننا أمرك؟ قالت: نعم، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوه القوم، فدعا رجلا منهم فقال لها: انى أريد أن أزوجك هذا ان رضيت فقالت: ما رضيت لي يا رسول الله فقد رضيت، ثم قال للرجل: هل عندك من شئ؟ قال لا والله يا رسول الله. قال: ما تحفظ من القرآن؟ قال سورة البقرة والتي تليها، قال: قم فعلمها عشرين آية وهي امرأتك) وهل يفتقر إلى تعيين الحرف؟ فيه وجهان (أحدهما) لا يصح حتى يعين الحرف، لان الاغراض تختلف باختلاف الحرف (والثاني) لا يحتاج إلى تعيين الحرف، لان ما بين الأحرف من الاختلاف قليل.