الشافعي رضي الله عنه ولم يعتبر القصد في مذهب أحمد رضي الله عنه، فلو أحاط مواتا بقصد أن يكون حظيرة فاتخذه سكنا له ولم يتخذه لما قصد له ملكه عند أحمد لعدم اعتبار القصد وملكه عند الشافعي بالقصد الطارئ أما إذا حوطها لتكون حظيرة ولا تصلح للسكنى ثم سكنها فإنه لا يملك عند الشافعي ويملك عند أحمد، فلو خندق حول الأرض خندقا لم يكن إحياء لأنه ليس بحائط ولا عمارة، وإنما هو حفر وتخريب، وإن أحاطها بشوك وشبهه لم يكن ذلك إحياء ولو نزل منزلا فنصب به بيت شعر أو خيمة لم يكن ذلك إحياء.
أما إذا فعل ذلك بحيث يريدها مزرعة فجمع التراب أو الشوك حولها وسوى الأرض فطم المنخفض منها واكتسح العالي وحرثها إذا توقف زرعها على الحرث ورتب لها الماء بشق المسقاة أو حفر الساقية أو شق للماء طريقا ولم يبق الا اجراؤه كفى ذلك في تملكه، وان لم يجز الماء، فان هيأه ولم يحفر له طريقا كفى أيضا وهو المنصوص في الام، وبه قال أبو إسحاق المروزي ورجحه صاحب الشرح الصغير وتابعه الشمس الرملي.
فإذا كفاها المطر لم تحتج إلى ترتيب للماء وذلك خلاف لظاهر ما نقله المزني من أنه يشترط الزراعة لتمام الملك بذلك، ويخالف السكنى، وقد زاد أبو العباس بن سريج على ذلك اشتراط السقي أيضا، وأرض الجبال التي لا يمكن سوق الماء إليها ولا يكفيها المطر تكفى الحراثة وجمع التراب كما اقتضاه كلام النووي في الروضة تبعا للرافعي وجزم به غيرهما. ولا يشترط أن تتم الزراعة على الأصح كما لا يشترط سكنى الدار لان استيفاء المنفعة خارج عن الاحياء.
والثاني: لا تصير محياة الا بالزراعة كما لا تصير الدار محياة الا إذا صار فيها مال المحيى، وإذا اعتادوا أن يجمعوا ترابا حول ما يزرعونه بستانا فجمع التراب بدلا من التحويط كفى، والا اشترط التحويط حسب العادة وتهيئة ماء للبستان أن لم يكفه ماء المطر، ويشترط فيه اتخاذ الباب وغرس الأشجار ولو لبعضه بحيث يسمى بستانا كما أفاده الأذرعي، فلا يكفي غرس الشجرة والشجرتين في المكان الواسع على المذهب إذ لا يتم اسم البستان بدون ذلك بخلاف المزرعة