وإن لم يكن له تأخير الرمي عذر: والثمن به الدعة إلى وقت آخر ففي إجباره على التعجيل قولان.
(أحدهما) يجبر عليه إذا قيل بلزومه كالإجارة.
(والثاني) لا يجبر على تعجيله إذا قيل بجوازه كالجعالة. أما الحال الثانية:
كأن يريد بالجلوس عن الرمي فسخ العقد فلا يخلو أن يكون معذورا في الفسخ أو غير معذور، فإن كان معذورا في الفسخ وأعذار الفسخ أضيق وأغلظ من أعذار التأخير وهي ما اختصت نفسه من العيوب المانعة من صحة رمية وهي ضربان.
(أحدهما) مالا يرجى زواله كشلل يده أو ذهاب بصره فالفسخ واقع بحدوث هذا المانع وليس يحتاج إلى فسخه بالقول.
(والضرب الثاني) ما يرجى زواله كمرض يده أو رمد عينيه أو علة جسده فلا ينفسخ العقد بحدوث هذا المانع بخلاف الضرب الأول لامكان الرمي بعد زواله ويكون الفسخ بالقول، وذلك معتبر بحال صاحبه، فإن طلب تعجيل الرمي فله الفسخ لتعذر التعجيل عليه، ويكون استحقاق هذا الفسخ مشتركا بينه وبين صاحبه، ولكل واحد منهما فسخ العقد به.
وأن أجاب صاحبه إلى الانظار بالرمي إلى زوال المرض فهل يكون عذره في الفسخ باقيا؟ أم لا؟ على وجهين. أحدهما: يكون باقيا في استحقاق الفسخ لئلا تكون ذمته مرتهنة بالعقد. والوجه الثاني: أن عذر الفسخ قد زال بالانتظار، وليس للمنظر أن يرجع في هذا الانظار، وان جاز له أن يرجع في الانتظار بالديون لان ذلك عن عيب رضى به، وجرى مجرى الانظار بالاعسار، وان لم يكن لطالب الفسخ عذر في الفسخ، فإن قيل بلزوم العقد كالإجارة لم يكن له الفسخ وأخذ به جبرا، فإن امتنع منه حبس عليه كما يحبس بسائر الحقوق إذا امتنع منها فإن طال به الحبس وهو على امتناعه عزر حتى يجيب.
فان قيل بجواز العقد كالجعالة فله الفسخ قبل الرمي وبعد الشروع فيه وقبل ظهور الغلبة، فان ظهرت الغلبة لأحدهما، فإن كانت لطالب الفسخ، فله الفسخ وإن كانت لغيره ففي استحقاقه للفسخ قولان مضيا.