العادية خمسون ذراعا، وحريم البدئ خمسة وعشرون ذراعا، وحريم بئر الزرع ثلاثمائة ذراع، فان أحيا أرضا إلى جنب غيره فجعل أحدهما داره مدبغة أو مقصرة لم يكن للاخر منعه من ذلك، لأنه تصرف مباح في ملكه فلم يمنع منه.
وان الصق حائطه بحائطه منع من ذلك. وان طرح في أصل حائطه سرجينا منع منه لأنه تصرف باشر ملك الغير بما يضر به فمنع منه، فان حفر حشا في أصل حائطه لم يمنع منه لأنه تصرف في ملكه.
ومن أصحابنا من قال: يمنع لأنه يضر بالحاجز الذي بينهما في الأرض. وان ملك بئرا بالاحياء فجاء رجل وتباعد عن حريمه وحفر بئرا فنقص ماء الأول لم يمنع منه لأنه تصرف في موات لاحق لغيره فيه.
(الشرح) حديث أبيض بن حمال رواه الترمذي وحسنه وأبو داود بلفظ (أنه وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم استقطعه الملح فقطع له، فلما ان ولى قال رجل: أتدري ما أقطعت له؟ إنما أقطعته الماء العد. فقال انتزعه منه، قال:
وسألته عما يحمى من الأراك فقال: ما لم تنله خفاف الإبل) وأخرجه أيضا ابن ماجة والنسائي وصححه ابن حبان وضعفه ابن القطان ولم يذكر وجه تضعيفه ولعله بسبب السبئ المازني الذي في الاسناد. وقال فيه ابن عدي: أحاديثه مظلمة منكرة. وفى رواية (ما لم تنله أخفاف الإبل) قال محمد بن الحسن المخزومي: يعنى ان الإبل تأكل منتهى رؤسها ويحمى ما فوق ذلك. ورواه سعيد بن منصور قال: حدثني إسماعيل بن عياش عن عمرو بن قيس المأربي عن أبيه عن أبيض بن حمال المأربي قال (استقطعت رسول الله صلى عليه وسلم معدن الملح بمأرب فاقطعنيه، فقيل يا رسول الله انه بمنزلة الماء العد، يعنى انه لا ينقطع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فلا إذن).
وأما حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه فقد رواه ابن ماجة باسناد ضعيف لان فيه إسماعيل بن سلم، وقد أخرجه الطبراني من حديث أشعث عن الحسن، واخرج حرب وعبد الله عن أحمد من حديث أبي هريرة بلفظ (من سبق