أو باطنا فقد ملكه لأنه ملك الأرض بجميع أجزائها وطبقاتها وهذا منها ويفارق الكنز فإنه مودع فيها وليس من أجزائها، ويفارق ما إذا كان ظاهرا قبل إحيائها لأنه قطع عن المسلمين نفعا كان واصلا إليهم، ومنعهم انتفاعا كان لهم. وههنا لم يقطع عنهم شيئا لأنه إنما ظهر بإظهاره له، ولو تحجر الأرض أو أقطعها فظهر فيها المعدن قبل إحيائها لكان له احياؤها ويملكها بما فيها لأنه صار أحق به بتحجره واقطاعه فلم يمنع من اتمام حقه.
(فرع) يقال للبئر التي تحفر في الأرض الموات: بئر عادية بتشديد الياء منسوبة إلى عاد، وليس المراد عادا بعينها، ولكن لما كانت عاد في الزمن الأول وكانت لها آثار في الأرض نسب إليها كل قديم، فكل من حفر بئرا في موات للتمليك فله حريمها أربعون ذراعا حولها أو خمس وعشرون ذراعا من كل جانب أو خمسون ذراعا طول أبعد طرفي حريمها، ومن سبق إلى بئر عادية كان أحق بها لقوله صلى الله عليه وسلم (من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو له وله حريمها خمسون ذراعا من كل جانب) وقد فرق سعيد بن المسيب بين العادي منها والبدئ، فجعل الأولى حريمها خمسون ذراعا وجعل البدئية حريمها خمسة وعشرون ذراعا. وجعل حريم بئر الزرع ثلاثمائة ذراع وقال: هذا من السنة. وإذا قال تابعي كبير كابن المسيب (من السنة) وكذلك روى أبو عبيد عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه قال (السنة في حريم القليب العادي خمسون ذراعا والبدئ خمس وعشرون ذراعا) فإنما يقول كل منهما - وهما تابعيان كبيران - ذلك لما صح عندهما من عمل الصحابة واتفاقهم عليه مما يجعل هذا القدر هو السنة لأنه لا يخلو من هدى نبوي.
وقال أصحاب أحمد منهم أبو الخطاب والقاضي: ليس هذا على طريق التحديد بل حريمها على الحقيقة ما تحتاج إليه في ترقية مائها منها، فإن كان بدولاب فقدر مد الثور أو غيره، وإن كان بساقية فبقدر طول البئر، لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (حريم البئر مد رشائها) رواه ابن ماجة.