أن يرميا خمسا وخمسا، أو شرطا أن يواصل كل واحد منهما رمى جميع رشقه رمى كل واحد منهما عدد ما أوجب الشرط، فان زاد عليه لم يحسب به مصيبا ولا مخطئا لخروجه عن موجب العقد، وان أغفل ولم يشترط في العقد لم يبطل العقد باغفاله لامكان التكافؤ فيه واعتبر فيها عرف الرماة لأنه يجرى بعد الشرط مجرى الشرط، فإن كان عرف الرماة جاريا بأحد الثلاثة المجوزة من الشرط صار كالمستحق بالشرط، وان لم يكن للرماة عرف لاختلافه بينهم رميا سهما وسهما، ولم يزد كل واحد منهما على سهم واحد حتى يستنفدا جميع الرشق. لان قرب المعاودة إلى الرمي احفظ لحسن الصنيع، فان رمى أحدهما أكثر من سهم فإن كان قبل استقرار هذا الترتيب كان محتسبا به مصيبا ومخطئا، وإن كان بعد استقراره لم يحتسب به مصيبا ولا مخطئا، لأنه قبل الاستقرار يجوز وبعد الاستقرار ممنوع.
وهذا الذي ذكرناه هو الشرط التاسع من شروط الرمي. قال في الحاوي الكبير: يذكر المبتدئ منهما بالرمي وكيفية الرمي هل يتراميان سهما وسهما أو خمسا وخمسا ليزول التنازع ويعمل كل واحد منهما على شرطه، فان أغفل ذكر المبتدئ منهما بالرمي ففي العقد قولان (أحدهما) انه باطل (والثاني) جائز وفى المبتدئ وجهان (أحدهما) مخرج المال (والثاني) من قرع، وان أغفل عدد ما يرميه كل واحد منهما في يديه فالعقد صحيح ويحملان على عرف الرماة ان لم يختلف، فان اختلف عرفهم رميا سهما وسهما.
قلت: وقد مضى ذكر الشرط العاشر، وهو المال المخرج في النضال ويسمى الحظر ويجب ذكره، فإن كان مجهلا ففي استحقاقه لأجرة مثله إذا نضل وجهان (فرع) ولا يجوز ان يتناضلا على أن تكون إصابة أحدهما قرعا وإصابة الاخر خسقا، لان المقصود بالعقد معرفة أحذقهما بالرمي، كما لا يجوز أن يتفاضلا على أن تكون إصابة أحدهما خمسة من عشرين وإصابة الاخر عشرة من عشرين لما فيه من التفاضل الذي لا يعلم به الاحذق قال الشافعي رضي الله عنه: وهو متطوع باطعامه إياه، وما نضله فله أن يحرزه ويتموله ويمنعه منه ومن غيره، وهو عندي كرجل كان له على رجل دينار