قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ويجوز أن يرميا سهما سهما وخمسا خمسا، وان يرمى كل واحد منهما جميع الرشق، فان شرطا شيئا من ذلك حملا عليه، وإن أطلق العقد تراسلا سهما لان العرف فيه ما ذكرناه، وان رمى أحدهما أكثر مما له لم يحسب له ان أصاب، ولا عليه ان أخطأ لأنه رمى من غير عقد فلم يعتد به.
(فصل) ولا يجوز أن يتفاضلا في عدد الرشق ولا في عدد الإصابة ولا في صفة الإصابة ولا في محل الإصابة، ولا أن يحسب قرع أحدهما خسقا ولا أن يكون في يد أحدهما من السهام أكثر مما في يد الآخر في حال الرمي، ولا أن يرمى أحدهما والشمس في وجهه لان القصد أن يعرف حذقهما، وذلك لا يعرف مع الاختلاف، لأنه إذا نضل أحدهما كان النضل بما شرط لا بجودة الرمي، فان شرط شيئا من ذلك بطل العقد، لأنه في أحد القولين كالإجارة، وفى الثاني كالجعالة، والجميع يبطل بالشرط الفاسد.
وهل يجب للناضل في الفاسد أجرة المثل؟ فيه وجهان أحدهما لا تجب.
وهو قول أبي إسحاق لأنه لا يحصل المسبوق منفعة بسبق السابق فلم تلزمه أجرته (والثاني) تجب، وهو الصحيح، لان كل عقد وجب المسمى في صحيحه وجب عوض المثل في فاسده كالبيع والإجارة (فصل) وان شرط على السابق ان يطعم أصحابه من السبق بطل الشرط لأنه شرط ينافي مقتضى العقد فبطل، وهو يبطل العقد المنصوص انه يبطل لأنه تمليك مال شرط فيه يمنع كمال التصرف، فإذا بطل الشرط بطل العقد، كما لو باعه سلعة بألف على أن يتصدق بها. وقال أبو إسحاق: يحتمل قولا آخر لا يبطل، كما قال فيمن أصدق امرأته الفين على أن تعطى أباها ألفا أن الشرط باطل، ويصح الصداق، فإذا قلنا بالمنصوص سقط المستحق، وهل يرجع الساق بأجرة المثل؟ على الوجهين.
(الشرح) إذا شرطا في العقد شرطا حملا فيه على موجب الشرط وان خالف العرف لان الشرط أحق من العرف، فان شرطا أن يرميا سهما وسهما أو شرطا