على المستبقين لا يختص بها السابق منهما لأنها أجرة على حفظ المالين، والثاني أنه لا أجرة له وإن جرى العرف إلا أن يحكم للصانع بالأجرة، والحال الثالثة أن يختلفا على الأمين فيخرج الحاكم لهما أمينا يقطع تنازعهما.
إذا ثبت هذا فقد قال الشافعي رضي الله عنه: ولا يجوز السبق إلا معلوما، كما يجوز في البيع.
قال الماوردي: وهذا صحيح، يريد بالسبق المال المخرج في العقد فلا يصح معه العقد حتى يكون معلوما من وجهين إما بالتعيين كاستباقهما على عين مشاهد، وإما بالصفة كاستباقهما على مال في الذمة، لأنه من عقود المعاوضات كالبيع والإجارة، فإن تسابقا على ما يتفقان عليه أو على ما يحكم به زيد كان باطلا للجهالة به عند العقد.
ولو تسابقا وتناضلا على مثل ما يسابق أو يناضل به زيد وعمرو، فإن كان ذلك بعد علمهما بقدره صح، وإن كان قبل علمهما بقدره بطل، ولو كان لأحدهما في ذمة الاخر قفيز من حنطة فتناضلا عليه، فإن كان القفيز مستحقا من سلم لم يصح، لان المعاوضة على السلم قبل قبضه لا تصح، وإن كان عن غصبه صح، لان المعاوضة عليه قبل قبضه تصح.
وإن كان من قرض فعلى وجهين من الوجهين في صحة المعاوضة عليه قبل قبضه ولو تناضلا على دينار الا دانقا صح، ولو تناضلا على دينار الا درهما لم يصح لأنه يكون بالاستثناء من جنسه معلوما وبالاستثناء من غير جنسه مجهولا، ولو تناضلا على دينار معجل وقفيز حنطه مؤجل صح، لأنه على عوضين: حال ومؤجل، ولو تناضلا على أن يأخذ الناضل دينارا ويعطى درهما لم يجز، لان الناضل من شرطه أن يأخذ ولا يعطى.
ولو تناضلا على دينار بذله أحدهما، فان نضل دفعه وان شرط لم يرم أبدا أو شهرا كان العقد فاسدا لأنه قد شرط فيه الامتناع وهو مندوب إليه فبطل، وإذا تناضلا وقد فسد العقد بما ذكرنا فنضل أحدهما، فإن كان الناضل باذل المال فلا شئ على المنضول، وإن كان الناضل غير الباذل ففي استحقاقه لأجرة مثله على الباذل وجهان على ما مضى.