ويجب أن يكون على عدد من الرشق معلوم، فأن كان عدد كل حزب ثلاثة اعتبر أن يكون عدد الرشق له ثلث صحيح كالثلاث والستين، وإن كانوا أربعة اعتبر أن يكون عدد الرشق له ربع صحيح كالأربعين والثمانين، لأنه إذا لم يفعل ذلك بقي سهم ولا يمكن اشتراك جماعة في سهم واحد، فإن خرج في أحد الحزبين من لا يحسن الرمي بطل العقد فيه، لأنه ليس بمحل في العقد وسقط من الحزب الاخر بإزائه واحد، كما إذا بطل البيع في أحد العبدين سقط ما في مقابلته من الثمن وهل يبطل العقد في الباقي من الحزبين؟ فيه قولان بناء على تفريق الصفقة.
فإن قلنا: لا يبطل في الباقي ثبت للحزبين الخيار في فسخ العقد، لان الصفقة تبعضت عليهم بغير اختيارهم، فان اختاروا البقاء على العقد وتنازعوا فيمن يخرج في مقابلته من الحزب الاخر فسخ العقد، لأنه تعذر إمضاؤه على مقتضاه ففسخ. ومن أصحابنا من قال: يبطل في الجميع قولا واحدا، لان من في مقابلته من الحزب الاخر لا يتعين، ولا سبيل إلى تعيينه بالقرعة، فبطل في الجميع. فإن نضل أحد الحزبين الاخر ففي قسمة المال بين الناضلين وجهان.
أحدهما: تقسم بينهم بالسوية كما يجب على المنضولين بينهم بالسوية، فعلى هذا إن خرج فيهم من لم يصب استحق.
والثاني: تقسم بينهم على قدر إصاباتهم لأنهم استحقوا بالإصابة فاختلف باختلاف الإصابة، ويخالف ما لزم المنضولين، فإن ذلك وجب بالالتزام والاستحقاق بالرمي، فاعتبر بقدر الإصابة، فعلى هذا إن خرج فيهم من لم يصب لم يستحق شيئا، وبالله التوفيق.
(الشرح) الأحكام: قال الشافعي رضي الله عنه: إذا اقتسموا ثلاثة وثلاثة فلا يجوز أن يقترعوا وليقسموا قسما معروفا. قلت: إذا صح هذا فالنضال ضربان: أفراد وأحزاب، فأما نضال الافراد فقد مضى في فصول الكتاب.
وأما نضال الأحزاب فهو أن يناضل حزبان يدخل في كل واحد منهما جماعة يتقدم عليهم أحدهم فيعقد النضال على جميعهم فهذا يصح على شروطه، وهو منصوص الشافعي وعليه جماعة أصحابه وجمهورهم.