فان وصى في سبيل الله صرف في الغزاة لما قلناه في الزكاة ويصرف ذلك في ثلاثة فصاعدا من غزاة البلد ومحاربيه أغنى بلد المال على حسب منازلهم في القرب والبعد ومن كان فيهم فدائيا أو نظاميا، طيارا أو آليا أو من المشاة أو الفرسان فإن لم يوجدوا في البلد نقل إلى أقرب البلاد به.
(فرع) إذا أوصى بثلثه في الرقاب صرف في المكاتبين، وبه قال أبو حنيفة وقال مالك: يشترى به رقاب يعتقون، وأصل هذا اختلافهم في سهم الرقاب في الزكاة، هل ينصرف في العتق أو في المكاتبين، والدليل على ذلك قوله تعالى (إنما الصدقات للفقراء) فأثبت ذلك لهم بلام الملك والعبد لا يملك فيصرف إليه والمكاتب يملك فوجب صرفه إليه، ولأنه مصروف في ذوي الحاجات، ولان مال الزكاة مصروف لغير نفع يعود إلى ربه، فلو صرف في العتق لعاد إليه الولاء فإذا تقرر ان سهم الرقاب في الزكاة مصروف في المكاتبين، وجب أن يكون سهم الرقاب في الوصايا مصوفا في المكاتبين، لان مطلق الأسماء المشتركة محمولة على عرف الشرع.
(فرع) إذا أوصى بشئ لزيد وللمساكين فقال الشافعي رضي الله عنه:
يكون كأحدهم ان عمهم أعطاه كواحد منهم، ومن أصحابنا من قال: يصرف إليه ربع الوصية وثلاثة أرباعها للفقراء، ومنهم من قال: يصرف لزيد نصف الوصية والباقي للفقراء، لأنه جعل الوصية لجهتين فوجبت القسمة بينهما وبهذا قال أحمد وأصحابه وأبو حنيفة ومحمد.
وعن محمد قول اخر: لزيد ثلثه وللمساكين ثلثاه، لان أقل الجمع اثنان، فإن كان أوصى لزيد بدينار وبثلثيه للفقراء، وزيد فقير لم يدفع إليه من سهم الفقراء شئ، وليس له غير الدينار، وبه قال الحسن البصري وإسحاق بن راهويه، لان عطفهم عليه يدل على المغايرة بينهما، إذ الظاهر المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه، ولان تجويز ذلك يفضى إلى تجويز دفع الجميع إليه، ولفظه يقتضى خلاف ذلك.
(فرع) وقوله: فإن وصى لقبيلة عظيمة كالعلويين هم أبناء علي كرم الله وجهه