المنع على الزيادة من الثلث إنما كان لحق الورثة لا لحقه فلم يملك إجازتها ولا ردها، وإنما كان له الرجوع في الوصية لان التبرع بها مشروط بالموت فلم يملك إجازتها ولا ردها، وإنما كان له الرجوع في الوصية، لان التبرع مشروط بالموت ففيما قبل الموت لم يوجد التبرع ولا العطية بخلاف العطية في المرض، فإنه قد وجدت العطية منه والقبول من المعطى والقبض فلزمت الوصية إذا قبلت بعد الموت وقبضت. (الثاني) أن قبولها على الفور في حال حياة المعطى وكذلك ردها.
والوصايا لا حكم لقبولها ولا ردها إلا بالموت. فتعتبر شروطه وقت وجوده والوصية تبرع بعد الموت فتعتبر شروطه بعد الموت (الثالث) أن العطية تفتقر إلى شروطها المشروطة لها في الصحة من العلم وكونها لا يصح تعليقها على شرط وغرر في غير العتق، والوصية بخلافه (الرابع) أنها تقدم على الوصية. وهذا قول أحمد والشافعي وجمهور العلماء، وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف وزفر إلا في العتق فإنه حكى عنهم تقديمه، لان العتق يتعلق به حق الله تعالى ويسرى وقفه وينفذ في ملك الغير فيجب تقديمه (الخامس) العطايا إذا عجز العتق عن جميعها بدئ بالأول فالأول سواء كان الأول عتيقا أو غيره وبهذا قال أحمد والشافعي.
وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: الجميع سواء إذا كانت من جنس واحد.
وإن كانت من أجناس وكانت المحاباة متقدمة قدمت وان تأخرت سوى بينها وبين العتق. وإنما كان كذلك لان المحاباة حق آدمي على وجه المعاوضة فقدمت إذا تقدمت كقضاء الدين، وإذا تساوى جنسها سواي بينها لأنها عطايا من جنس واحد تعتبر من الثلث فسوى بينها كالوصية وقال أبو يوسف ومحمد: يقدم العتق تقدم أو تأخر.
(السادس) أن الواهب إذا مات قبل القبض للهبة المنجزة كانت الخيرة للورثة ان شاء واقبضوا وان شاء وامنعوا، والوصية تلزم بالقبول بعد الموت بغير رضاهم، وما لزم المريض في مرضه من حق لا يمكنه دفعه واسقاطه كأرش الجناية وما عاوض عليه بثمن المثل. وما يتغابن الناس بمثله فهو من رأس المال لا نعلم فيه خلافا، وهذا عند الشافعي وأصحاب الرأي وأحمد بن حنبل، وكذلك النكاح بمهر المثل جائز من رأس المال لأنه صرف لماله حاجة في نفسه