واختلف أصحابنا إذا انتظر بالوصية قبض الدين ووصول الغئب هل يمكن الموصى له من ثلث المائة؟ على وجهين.
(أحدهما) يمكن من التصرف فيها لأنه ثلث ممضى.
(والوجه الثاني) يمنع من التصرف فيها لأنه لا يجوز أن يتصرف الموصى له فيما لا يتصرف الورثة في مثليه، وقد منع الورثة من التصرف في ثلثي المائة الموقوف، فوجب أن يمنع الموصى له من التصرف في الثلث الممضى، والدليل على فساد ما ذهب إليه مالك أنه يؤول إلى أحد أمرين يمنع الوصية منهما، لأنه إذا أجبر الورثة بين التزام الوصية في ثلث كل التركة أو إمضاء الوصية في كل المائة فكل واحد من الامرين خارج عن حكم الوصية لأنهم اختاروا منعه من كل المائة فقد ألزمهم ثلث كل التركة، وذلك غير موصى به.
وإن اختاروا أن لا يعطوا ثلث التركة فقط ألزمهم إمضاء الوصية بكل المائة فعلم فساد مذهبه بما يؤول إليه حال كل واحد من الخيارين، فإذا جعلتم تعيين الوصية بالمائة الحاضرية إدخال ضرر أو جناية فالضرر قد رفعناه يوقف الثلثين على قبض الدين ووصول الغائب، فصار الضرر بذلك مرتفعا، وإذا زال الضرر ارتفعت الجناية منه فبطل الخيار فيه.
فإذا تقرر ما وصفنا تفرع على ذلك أن يوصى بمائة دينار حاضرة وباقي تركته التي تخرج كل المائة من ثلثها دين أو غائب، فيخرج ثلث المائة ويوقف ثلثاها على قبض الدين ووصول الغائب، فإذا قبض ووصل منهما أو أحدهما ما يخرج كل المائة من ثلثه خرج جميعها. وهل يمكن الورثة في حال وقف الثلثين على قبض الدين ووصول الغائب من استخدام فرس إن كان الموصى به فرسا أو سيارة إن كانت وصيه أو غير ذلك، فتركب ويتصرف في منفعتها أم لا، على وجهين.
(أحدهما) يمكن ذلك لئلا يلزمهم إمضاء الوصية بما لم ينتفعوا بثلثيه، وهذا على الوجه الذي يقول: إن الموصى له بالمائة إذا وقف ثلثها منع من التصرف في ثلثيها اعتبارا بالتسوية، فعلى هذا ان برئ الدين وتلف الغائب استقر ملكهم على ما وقف من ثلثيها وكان لهم التصرف في الثلثين أو بيع ثلثي الفرس أو السيارة