2 - إذا قدم ليقتل قصاصا أو غيره أو كمن قدم ليرجم في حد الزنا فقولان أيضا. أحدهما: أنه مخوف. والثاني: إن حرج فهو مخوف، وإلا فلا، لأنه صحيح البدن، والظاهر العفو عنه، وبالأول قال أحمد، لان التهديد بالقتل جعل إكراها يمنع وقوع الطلاق وصحة البيع، ويبيح كثيرا من المحرمات ولولا الخوف لم تثبت هذه الأحكام.
3 - إذا ركب البحر، فإن كان ساكنا فليس بمخوف، وإن تموج واضطرب وهبت الريح العاصف فهو مخوف، فإن الله تعالى وصفهم بشدة الخوف بقوله تعالى (هو الذي يسيركم في البحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف، وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين).
4 - الأسير والمحبوس إذا كان من عادته القتل فهو خائف عطيته من الثلث وإلا فلا. وهذا أحد قولي الشافعي، وبه قال أبو حنيفة ومالك وابن أبي ليلى وأحمد بن حنبل. وقال الحسن: لما حبس الحجاج إياس ليس له من ماله إلا الثلث، وقال القاضي أبو بكر: عطية الأسير من الثلث، ولم يفرق، وبه قال الزهري والثوري وإسحاق وحكاه ابن المنذر عن أحمد.
وقال الشعبي ومال: الغازي عطيته من الثلث. وقال مسروق: إذا وضع رجله في الغرز. وقال الأوزاعي: المحصور في سبيل الله والمحبس ينتظر القتل أو تفقأ عيناه هو في ثلثه، والصحيح إن شاء الله ما ذكرنا من التفضيل، لان مجرد الحبس والأسر من غير خوف القتل ليس بمرض ولا هو في معنى المرض في الخوف فلم يجز إلحاقه به، وإذا كان المريض الذي لا يخاف التلف عطيته من رأس ماله فغيره أولى.
هذا إذا كان مأسورا لطائفة من المسلمين فإن المذهب أنه ليس مخوفا، لان المسلمين لا يقتلون أسراهم من الكفار إلا بشروط فما بالك إذا كان الأسير مسلما 5 - وقوع الطاعون في بلد فعن أحمد أنه مخوف، والمذهب عندنا أنه ليس بمرض، وإنما يخالف المرض والله تعالى أعلم بالصواب.