والكلام على الأحكام أن ما وصى به من التبرعات والهبات والصدقات والمحاباة في البيع بأن يكون المبيع مقوما بعشرة فيوصى ببيعه بخمسة مثلا بعد موته، فإن الخمسة الباقية وهي قدر المحاباة تحسب من الثلث الذي أجاز الله له التصرف فيه بالوصية سواء وقعت الوصية في حال الصحة أم في حال المرض وكذلك إن أسقط عن وارثه دينا أو أوصى بقضاء دينه أو أسقطت المرأة صداقها عن زوجها أو عفا عن جناية موجبها المال فهو كالوصية.
وإن عفا عن القصاص وقلنا: الواجب القصاص عينا سقط إلى غير بدل وإن قلنا: الواجب أحد شيئين سقط القصاص ووجب المال، وإن عفا عن حد القذف سقط مطلقا، وان وصى الغريم وارثه صحت الوصية، وكذلك إن وهب له، وبهذا قال أحمد والشافعي وأبو حنيفة.
وقال أبو يوسف: هو وصية للوارث، لان الوارث ينتفع بهذه الوصية وتستوفى ديونه منها. ولنا أنه وصى لأجنبي فصح كما لو وصى لمن عادته الاحسان إلى وارثه، وإن وصى لوالد وارثه صح، فإن كان يقصد بذلك نفع الوارث لم يجز فيما بينه وبين الله تعالى. قال طاوس في قوله تعالى: فمن خاف من موص جنفا، قال أن يوصى لولد ابنته وهو يريد نفع ابنته (فرع) قال الشافعي: ويجوز نكاح المريض. قلت: إذا تزوج امرأة صح نكاحها ولها الميراث والصداق إن لم يزد على صداق مثلها، فإن زاد ردت الزيادة إن كانت وارثة، وأمضيت إن كانت غير وارثة وهكذا المريضة إذا نكحت رجلا صح نكاحها وورثها الزوج، وعليه صداقتها إن كان مهر المثل فما زاد، فإن نكحته بأقل من صداق مثلها، فالمحاباة بالنقصان وصية له فترد إن كان الزوج وارثا وتمضي في الثلث إن كان غير وارث.
وقال مالك: نكاح المريض فاسد لا يستحق به ميراثا. ولا يجب فيه صداق الا أن يكون راضيا به، فيلزمه مهر المثل من الثلث مقدم على الوصايا، وكذلك نكاح المريض فاسد ولا ميراث للزوجة. وقال ابن أبي ليلى: النكاح في المرض جائز والميراث من الثلث.