فيقدم بذلك على وارثه. ويعتبر في المريض الذي هذه أحكامه شرطان أحدهما:
أن يتصل بمرضه الموت ولو صح في مرضه الذي أعطى فيه ثم مات بعد ذلك فحكم عطيته حكم عطية الصحيح، لأنه ليس بمرض الموت. (الثاني) أن يكون مخوفا، والأمراض على ثلاثة أقسام غير مخوف كوجع الضرس والعين والأطراف والصداع وارتفاع الحرارة الطارئ فهذا حكمه حكم الصحيح لأنه لا يخاف منه في العادة.
(والثاني) الأمراض المزمنة كالجذام والربو والفالج والذبحة الصدرية والسل فهذا الضرب ان أضنى صاحبه على فراشه فهو مخوف، وقال الأوزاعي والثوري ومالك وأبو حنيفة وأصحابه وأبو ثور وأحمد: ان وصية المجذوم والمفلوج من الثلث لأنه محمول على أنهما صاحبي فراش، ومذهب الشافعي. أنه لا يخاف تعجيل الموت فيه، وإن كان لا يبرأ فهو كالهرم لا سيما الفالج إذا أزمن (الثالث) من تحقق تعجيل موته فينظر فيه فإن كان عقله قد اختل مثل نزيف المخ أو الحمى الشوكية أما من اشتد مرضه وصح عقله صح تبرعه عند أصحاب أحمد، وجمله ما مضى أن العطايا في المرض مقدمة على الوصايا إذا ضاق الثلث عنها لان تلك ناجزة وهذه موقوفة، فلو ضاق الثلث عن العطايا للمريض قدم الأسبق فالأسبق، ولو ضاق الثلث عن الوصايا لم يقدم الأسبق لان عطايا المرض تملك بالقبض المترتب فثبت حكم المتقدم. والوصايا كلها تملك بالموت فاستوى حكم المتقدم والمتأخر إلا أن يرتبها المريض فتمضي على ترتيبه ما لم يتخلل الوصايا عتق، فان تخللها عتق فإن كان واجبا في كفارة أو نذر قدم على وصايا التطوع، وإن كان تطوفا ففيه قولان أحدهما أن العتق مقدم على جميع الوصايا لقوته بالبراءة في غير الملك وبه قال من الصحابة ابن عمر ومن التابعين شريح والحسن ومن الفقهاء مالك والشورى، والقول الثاني أن العتق والوصايا كلها سواء في مزاحمة الثلث لان جميعها تطوع، وبه قال من التابعين ابن سيرين والشعبي ومن الفقهاء أبو ثور، على أن المريض مرض الموت إذا أشكل أمره رجع في ذلك إلى طبيبين مسلمين، لان الأمراض في زماننا هذا قد تشعبت أصنافها وتعددت اختصاصات العالمين من الأطباء بها، فقد يكون المرض في رأى أحدهم