وسواء كان المال عينا أو دينا حاضرا أو غائبا معلوما أو مجهولا مشاعا أو محوزا وتقدر الوصية بالثلث، وليس للوصي الزيادة عليه لحديث سعد (الثلث والثلث كثير) وان نقص من الثلث جاز، وأولى الامرين به أن يعتبر حال الورثة، فإن كان وا فقراء كان النقصان من الثلث أولى به من استيعاب الثلث لقول علي كرم الله وجهه (لان أوصى بالخمس أحب إلى من أن أوصى بالثلث) وقد أورده الماوردي في الحاوي الكبير عن رواية أخرى (لان أوصى بالسدس أحب إلى من أن أوصى بالربع، وبالربع أحب إلى من الثلث) وإن كان ورثته أغنياء وكان في ماله سعة فاستبقاء الثلث أولى به. وقد قال عمر رضي الله عنه: الثلث وسط، لا بخس ولا شطط. ولو استوعب الثلث من قليل المال وكثيره، ومع فقر الورثة وغناهم، وصغيرهم وكبيرهم، كانت وصيته ممضاة له.
فأما الزيادة على الثلث فهو ممنوع منها في قليل المال وكثيره، لان النبي صلى الله عليه وسلم منع سعدا من الزيادة عليه، فان وصى بأكثر من الثلث أو بجميع ماله نظرت فإن كان له وارث كانت الوصية موقوفة على إجازته ورده. فان ردها رجعت الوصية إلى الثلث، وان أجازها صحت. ثم فها قولان (أحدهما) ان إجازة الورثة ابتداء عطية منه لا تتم الا بالقبض، وله فيها ما لم يقبض، وإن كانت قبل القبض بطلت كالهبات قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وينبغي لمن رأى المريض يجنف في الوصية ان ينهاه لقوله تعالى (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا) قال أهل التفسير: إذا رأى المريض يجنف على ولده أن يقول اتق الله ولا توص بمالك كله، ولان النبي صلى الله عليه وسلم نهى سعدا عن الزيادة على الثلث.
(فصل) والأفضل أن يقدم ما يوصى به من البر في حياته لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الصدقة أفضل؟ قال