بل على الأيلولة للزوم كما قررنا، وهو جار في الهدية والصدقة أيضا، ويجرى الخلاف في الجنون والاغماء، ولولي المجنون قبضها قبل الإفاقة وفرق الحنابلة بين المكيل والموزون وغيرهما، فالمكيل والموزون لا يصح التمليك بغير قبض أما في غيهما يصح بغير القبض لما روى عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما انهما قالا: الهبة جائزة إذا كانت معلومة قبضت أو لم تقبض، وهو قول مالك وأبي ثور. وعن أحمد رواية أخرى لا تلزم الهبة في الجميع لا بالقبض، وهو قول أكثر أهل العلم. قال المروزي: اتفق أبو بكر وعمر وعثمان وعلى، على أن الهبة لا تجوز الا مقبوضة، ويروى ذلك عن النخعي والثوري والحسن بن صالح والعنبري والشافعي وأصحاب الرأي لما ذكرنا ومن أصحابنا من قال: إنما يستغنى عن القبض إذا تحقق الايجاب والقبول واستقر العقد بينهما، ولأنه عقد تمليك فافتقر إلى الايجاب والقبول كالنكاح، وعلى هذا القول إذا حدث نماء في الهبة قبل القبض كانت للموهوب له، والمنصوص ان النماء بعد القبض كان للموهوب قال في الام: وإذا وهب الرجل للرجل جارية أو دار، فزادت الجارية في يديه، أو بنى الدار فليس للواهب الذي ذكر انه وهب للثواب ولم يشترط ذلك أن يرجع في الجارية، أي حال ما كانت زادت خيرا أو نقصت، كما لا يكون له إذا أصدق المرأة جاريه فزادت في يديها ثم طلقها ان يرجع بنصفها زائدة. اه قلت: وليست الفطرة التي لزمت الموهوب له منفعة تعود عليه، وإنما هي قربة صادفت محلها فلا شبه بينها وبين النماء عائد، والفطرة بذل واخراج والله تعالى أعلم بالصواب.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) فان وهب لغير الولد وولد شيئا وأقبضه لم يملك الرجوع فيه، لما روى ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما رفعاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم (لا يحل للرجل ان يعطى العطية فيرجع فيها الا الوالد فيما أعطى ولده)