وما لا يجوز بيعه كمجهول ومغصوب لمن لا يقدر على انتزاعه، وضال وآبق فلا يجوز هبته. قال الرملي: بجامع أن كلا منهما تمليك في الحياة ولا ينافيه خير: زن وأرجح، لان الرجحان المجهول وقع تابعا لمعلوم، عل أن الأوجه كون المراد بأرجح تحقق الحق حذرا من التساهل فيه، ولا قوله صلى الله عليه وسلم للعباس رضي الله عنه في المال الذي جاء من البحرين: خذ منه - الحديث، لأن الظاهر أن ما ذكر في المجهول إنما هو بالمعنى الأخص بخلاف هديته وصدقته فيصحان فيما يظهر، واعطاء العباس الظاهر صدقة لا هبة، لكونه من جملة المستحقين.
وقد اختلف الفقهاء في ترك الدين المستقر الذي في الذمة للمدين، فقال أبو حنيفة والثوري وإسحاق: إن وهب الدين لغير من هو في ذمته أو باعه إياه لم يصح. وقال أحمد: إذا كان لك على رجل طعام قرضا فبعه من الذي هو عليه بنقد، ولا تبعه من غيره عرضا بمالك عليه.
وقال الشافعي: إن كان الدين على معسر أو مماطل أو جاحد له لم يصح البيع لأنه معجوز عن تسليمه، وإن كان على ملئ باذل له ففيه قولان.
(أحدهما) يصح لأنه ابتاع بمال ثابت في الذمة فصح، كما لو اشترى في ذمته ويشترط أن يشتريه بعين أو يتقابضان في المجلس لئلا يكون بيع دين بدين.
(والثاني) لا يصح. وفى نهاية المحتاج بحث حول ترك الدين المستقر الذي في الذمة المدين لغيره هل يعد هبة أم يعد إبراء فحسب بأنه لا يعد هبة في الأصح لأنه غير مقدور على تسليمه، فإن قلنا: بصحة بيعه لغير من هو عليه قياسا على بيع الموصوف فإنه لا يوهب والدين مثله بلى أولى، وفرق ما بين صحة بيعه وعدم صحة هبته بأن بيع ما في الذمة التزام لتحصيل المبيع في مقابلة الثمن الذي استحقه والالتزام فيها صحيح بخلاف هبته فإنها لا تتضمن الالتزام إذ لا مقابل فيها، فكانت بالوعد أشبه فلم يصح.
ووارد على ما لا يجوز بيعه من المجهول أنه إذا خلط متاعه بمتاع غيره فوهب أحدهما نصيبه لصاحبه فيصح مع جهل قدره وصفته للضرورة، وكذلك لو قال: