تدل على عدم التحريم، لان الكلب غير متعبد فالقئ ليس حراما عليه، وهكذا قوله: كمثل الكلب الخ، وتعقب بأن ذلك للمبالغة في الزجر كقوله صلى الله عليه وسلم فيمن لعب بالنردشير (فكأنما غمس يده في لحم خنزير) وأيضا الرواية الدالة على التحريم غير منافية للرواية الدالة على الكراهة على تسليم دلالتها على الكراهة فقط، لان الدال على التحريم قد دل على الكراهة وزيادة، وقد قدمنا في باب نهى المتصدق أن يشترى ما تصدق به من كتاب الزكاة عن القرطبي أن التحريم هو الظاهر من سياق الحديث. وقدمنا أيضا أن الأكثر حملوه على التنفير خاصة لكون القئ مما يستقذر.
ويؤيد القول بالتحريم قوله صلى الله عليه وسلم (وليس لنا مثل السوء) في حديث ابن عباس عند أحمد والبخاري. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل للرجل. قال في الفتح: وإلى القول بتحريم الرجوع في الهبة بعد أن تقبض ذهب جمهور العلماء إلا هبة الوالد لولده، وذهب الحنفية والزيدية إلى حل الرجوع في الهبة دون الصدقة، إلا إذا حصل مانع من الرجوع، كالهبة لذي رحم ونحو ذلك من الموانع.
وقال الطحاوي: ان قوله (لا يحل) لا يستلزم التحريم. قال وهو كقوله صلى الله عليه وسلم (لا تحل الصدقة لغني) وإنما معناه لا تحل له من حيث تحل لغيره من ذوي الحاجة، وأراد بذلك التغليظ في الكراهة وقال الطبري: يخص من عموم هذا الحديث من وهب بشرط الثواب ومن كان والدا والموهوب له ولده والهبة لم تقبض، والتي ردها الميراث إلى الواهب لثبوت الاخبار باستثناء كل ذلك. وأما ما عدا ذلك كالغنى يثيب الفقير ونحو من يصل رحمه فلا رجوع. قال: ومما لا رجوع فيه مطلقا الصدقة يراد بها ثواب الآخرة. قال ابن حجر: اتفقوا على أنه لا يجوز الرجوع في الصدقة بعد القبض وقد أخرج مالك عن عمر أنه قال: من وهب هبة يرجو ثوابها فهي رد على صاحبها ما لم يثب منها. ورواه البيهقي عن ابن عمر مرفوعا وصححه الحاكم. قال ابن حجر: والمحفوظ من رواية ابن عمر عن عمر ورواه عبد الله بن موسى مرفوعا، قيل وهو وهم وصححه الحاكم وابن حزم، ورواه ابن حزم أيضا عن