تصرف الملاك فسقط ما يتوهم منه انه كان إباحة. هذا هو الصحيح. والثاني يشترطان كالهبة. وفرق هنا بين التمليك وبين نقل الحق أو اليد إلى غيره، كلين شاة الأضحية أو صوفها أو تنازل إحدى الضرتين عن نوبتها للأخرى (فرع) لا يملك الموهوب الهبة الا بقبضها، فقد روى عروة عن عائشة رضي الله عنه ان أبا بكر رضي الله عنه نحلها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية فلما مرض قال: يا بنية ما أحد أحب إلى غنى بعدي منك، ولا أحد أعز على فقرا منك، وكنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا وددت انك حزتيه أو قبضتيه، وهو اليوم مال الوارث أخواك وأختاك، فاقتسموا على كتاب الله عز وجل.
وروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ما أبال أقوام ينحلون أولادهم، فإذا مات أحدهم قال: مالي وفى يدي. وإذا مات هو قال: كنت نحلته ولدى، لا نحلة الا نحلة يحرز الولد دون الوالد فان مات ورثه) فإذا مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض، فان قلنا بأنه عقد يؤول إلى اللزوم لم يبطل بموت أحد المتعاقدين بل يقوم ورثته مقامه، وهذا قول أكثر أصحابنا، وهو قو أبى الخطاب من الحنابلة حيث يقول: إذا مات الواهب قام وارثه مقامه في الاذن في القبض والفسخ.
وان قلنا بقول بعض الأصحاب بأنه من العقود الجائزة يبطل بموت أحد المتعاقدين كالوكالة والشركة، وهو قول الإمام أحمد حيث قال في رواية أبى طالب وأبى الحارث في رجل اهدى هدية فلم تصل إلى المهدى حتى مات، فإنها تعود إلى أصحابها ما لم يقبضها.
وروى باسناده عن أم كلثوم بنت سلمة قالت (لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة قال لها (انى قد أهديت إلى النجاشي حلة وأواقي مسك، ولا أرى النجاشي الا قد مات، ولا أرى هديتي الا مردودة على، فان ردت فهي لك. قالت فكان ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وردت عليه هديته، فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية من مسك وأعطى أم سلمة بقية المسك والحلة) ووجه ضعف القول بانفساخ العقد بموت أحدهما أن ليس المدار على القبول