قال المصنف رحمه الله:
(فصل) فإن كان المخرج للسبق هما المتسابقان نظرت، فإن كان معهما محلل وهو ثالث على فرس كفء لفرسيهما صح العقد، وان لم يكن معهما محلل فالعقد باطل لما روى أبو هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (من ادخل فرسا بين فرسين وهو لا يامن أن يسبق فلا باس ومن ادخل فرسا بين فرسين وقد امن أن يسبق فهو قمار) ولان مع المحلل لا يكون قمارا، لان فيهم من يأخذ إذا سبق ولا يعطى إذا سبق وهو المحلل، ومع عدم المحلل ليس فيهم الا من يأخذ إذا سبق، ويعطى إذا سبق، وذلك قمار، وإن كان المحلل اثنين أو أكثر جاز، لان ذلك أبعد من القمار، وإن كانت المسابقة بين حزبين كان حكمهما في المحلل حكم الرجلين، لان القصد من دخول المحلل الخروج من القمار، وذلك يحصل بالمحلل الواحد مع قلة العدد وكثرته.
واختلف أصحابنا في دخول المحلل فذهب أكثرهم إلى أن دخول المحلل لتحليل السبق لكل من سبق منهم، وذهب أبو علي بن خيران إلى أن دخوله لتحليل السبق لنفسه وان يأخذ إذا سبق، ولا يأخذان إذا سبقا، لأنا لو قلنا: إنهما إذا سبقا أخذا حصل فيهم من يأخذ مرة ويعطى مرة، وهذا قمار، والمذهب الأول لأنا بينا ان بدخول المحلل خرجا من القمار، لان في القمار ليس فيهم الا من يعطى مرة ويأخذ مرة، وبدخول المحلل قد حصل فيهم من يأخذ ولا يعطى فلم يكن قمارا، فان تسابقوا نظرت فان انتهوا إلى الغاية معا أحرز كل واحد منهما سبقه لأنه لم يسبقه أحد، ولم يكن للمحلل شئ لأنه لم يسبق واحدا منهما، وان سبق المخرجان أحرز كل واحد منها سبقه لأنهما تساويا في السبق ولا شئ للمحلل لأنه مسبوق، وان سبقهما المحلل اخذ سبقهما لأنه سبقهما، وان سبق أحد المخرجين وتأخر المحلل والمخرج الاخر أحرز السابق سبق نفسه.
وفى سبق المسبوق وجهان المذهب انه للسابق المخرج لأنه انفرد بالسبق، وعلى مذهب ابن خير أن يكون سبق المسبوق لنفسه لأنه لا يستحقه السابق المخرج