قسم هو فرع على البيع، وهو أن يدعى عليه عينا في يده فيقر له بها فيصالحه من ذلك على عين أو دين، فهذا حكمه حكم ما لو اشترى منه عينا بعين أخرى أو بدين، فيعتبر فيه ما يعتبر في البيع من الربا. ويبطل بما يبطل فيه البيع من الغرر وثبت فيه ما ثبت في البيع من الخيار، لان ذلك مع تلفظ الصلح وإن ادعى عليه دينا في ذمته فأقر له به ثم صالحه منه على ذمته وتفرقا قبل القبض لم يصح الصلح، كما لا يصح في بيع الدين بالدين، وإن صالحه منه على عين وقبض العين قبل التفرق صح الصلح - إذا كان الدين مما يصح أخذ العوض عنه وإن افترقا عن المجلس قبل قبض العين فهل يصح؟ فيه وجهان (أحدهما) لا يصح لأنهما افترقا والعوض في ضمان واحد فلم يصح، كما لو صالحه من دين على دين وتفرقا قبل القبض (والثاني) يصح كما يصح في بيع العين بالدين القسم الثاني: صلح هو فرع على الإجارة، وهو أن يدعى عليه عينا في يده أو دينا في ذمته فيقر له به، ثم يصالحه من ذلك على سكنى داره شهرا، أو استعمال سيارته مدة معلومة: ويملك المقر ما ادعى عليه به، ويملك المقر له منفعة الدار والسيارة، كما لو استأجر منه ذلك، ويشترط فيه ما يشترط في الإجارة على ما يأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى.
القسم الثالث: صلح هو فرع على الابراء والحطيطة. وهو أن يدعى عليه ألفا في ذمته فيقر له بها فيصالحه على بعضها. قال الشيخ أبو حامد: فهذا ينقسم قسمين (أحدهما) أن يقول الذي عليه الحق لمن له الحق: أدفع إليك خمسمائة بشرط أن تسقط عنى الخمسمائة الأخرى، أو يقول صاحب الحق: ادفع إلى خمسمائة على أن أسقط عنك الخمسمائة الأخرى. فهذا لا يجوز، فإذا فعلا ذلك كان باطلا، وكان لصاحب الألف المقر له أن يطالب بالخمسمائة الأخرى، لأنه دفع إليه بعض حقه وشرطه شرطا لا يلزمه، فسقط الشرط، ووجب الألف بالاقرار (والثاني) أن يقول أدفع إليك خمسمائة وأبرئني من خمسمائة، أو يقول الذي له الحق: ادفع إلى خمسمائة فقد أبرأتك من الخمسمائة الأخرى، فإن هذا