وقد روى من طريق عبد الله بن الحسين المصيصي وهو ثقة، وكثير بن زيد المذكور، قال أبو زرعة صدوق، ووثقه ابن معين، والوليد بن رباح صدوق أيضا، ولا يخفى أن الأحاديث المذكورة، والطرق يشهد بعضها لبعض. قال الشوكاني: فأقل أحوالها أن يكون المتن الذي اجتمعت عليه حسنا.
أما لغات الفصل: فالصلح هو التوفيق، ومنه صلح الحديبية، والصلاح هو الخير والصواب وصالح للامر أي له أهلية القيام به. وفى الدين أقسام: صلح المسلم مع الكافر. والصلح بين الزوجين. والصلح بين الفئتين الباغية والعادلة.
والصلح بين المقاضين. والصلح في الجراح كالعفو على المال. والصلح لقطع الخصومة إذا وقعت المزاحمة إما في الاملاك أو في المشتركات وهذا الصلح الأخير هو الذي يتكلم فيه أصحابنا من أهل الفروع، أما الأحكام: فإن الأصل في جواز الصلح الكتاب والسنة والاجماع.
أما الكتاب فقوله تعالى " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما الآية " فأمر الله تعالى بالصلح بين المؤمنين. وقوله تعالى " وان امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا، والصلح خير " وقوله تعالى " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ان يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما " فدلت هذه الآيات على جواز الصلح.
أما السنة فقد روى البخاري وأحمد والترمذي وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو شئ فليتحلل منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته. وان لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه " لفظ البخاري هكذا أما الآخران فقالا فيه " مظلمة من مال أو عرض " وحديث أبي هريرة الذي ساقة المصنف وأحاديث أخرى تأتى في فصول الصلح الآتية إن شاء الله تعالى.
وأما الاجماع فإن الأمة أجمعت على جوازه.
إذا ثبت هذا: فإن الصلح فرع على غيره، وهو ينقسم على خمسة أقسام: