الحجر، وبه قال عثمان وعلى والزبير وابن الزبير وعبد الله بن جعفر وعائشة أم المؤمنين وشريح ومالك وأبو يوسف ومحمد، وقد مضى خلاف أبي حنيفة لهم جميعا دليلنا ما مضى في قوله تعالى (فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل) قال الشافعي رضي الله عنه: والسفيه هو المفسد لماله ودينه، والضعيف هو الصبي والشيخ الفاني، والذي لا يستطيع أن يمل المجنون والسفيه اسم ذم يتناول المبذر، فأما قوله تعالى (سيقول السفهاء من الناس) الآية. فأراد اليهود. وقيل أراد المنافقين. وقيل أراد اليهود والنصارى.
وقوله تعالى (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) الآية. قيل أراد به النساء، وهو قول مجاهد وهذا القول لا يصح، إنما تقول العرب للنساء سفائه أو سفيهات، لأنه الأكثر في جمع فعلية، وروى عن عمر رضي الله عنه: من لم يتفقه فلا يتجر في سوقنا، قال القرطبي فكذلك قوله تعالى (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) يعنى الجهال بالأحكام، وقوله تعالى " أموالكم " أي أموالهم، كقوله تعالى " لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " أي أموال بعضكم.
ويدل على ما ذكرناه أن حبان بن منقذ أصابه في عقله ضعف، فأتى أهله إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه أن يحجر عليه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " لا تبع، فقال إني لا أصبر، فقال صلى الله عليه وسلم: من بايعته فقل: لا خلابة ولك الخيار ثلاثا " فلو كان الحجر لا يجوز على البالغ لأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم سؤالهم، وإنما لم يجبهم إلى الحجر لأنه يحتمل أن يكون الذي يغبن به مما يتغابن الناس بمثله.
ويدل على ما ذكرناه اجماع الصحابة في قصة عبد الله بن جعفر حين قال عثمان رضي الله عنه: كيف أحجر على من شريكه الزبير، وإنما قال هذا لان الزبير ابن العوام رضي الله عنه كان معروفا ببصره في التجارة، فدل على أن الحجر جائز عندهم بالاجماع.
وروى أن عائشة رضي الله عنها كانت تنفق نفقة كثيرة، فقال ابن الزبير