أما الأحكام فقد استدل بهذه الواقعة من أجاز الحجر على من كان سيئ التصرف، وبه قال على وعثمان وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن جعفر وشريح وعطاء والشافعي ومالك وأبو يوسف ومحمد.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: والجمهور على جواز الحجر على الكبير وخالف أبو حنيفة وبعض الظاهرية، ووافق أبو يوسف ومحمد. قال الطحاوي ولم أر عن أحد من الصحابة منع الحجر على الكبير، ولا عن التابعين إلا عن إبراهيم وابن سيرين وحكى صاحب البحر عن العترة أنه لا يجوز مطلقا، وعن أبي حنيفة أنه لا يجوز أن يسلم إليه ماله إلا بعد خمس وعشرين سنة ولا يعاد عليه الحجر إذا أسلم إليه ماله بعد خمس وعشرين، سواء أفسد دينه وماله أو أحدهما. قال العمراني في البيان: إذا بلغ الصبي مصلحا لماله ودينه ففك عنه الحجر ودفع إليه ماله ثم صار مفسدا لدينه وماله. أو لماله، فإنه يعاد الحجر عليه بلا خلاف على المذهب. فأما إفساد الدين فمعروف، وأما إفساد المال، قال الشيخ أبو حامد:
فيكون بأحد أمرين: إما بأن ينفقه في المعاصي. مثل الزنا وشرب الخمر وغير ذلك. والثاني أن ينفقه فيما لا مصلحة له فيه ولا غرض، مثل أن يشترى ما يساوى درهما بمائة درهم. فأما إذا أكل الطيبات ولبس الناعم من الثياب، وأنفق على الفقهاء والفقراء فهذا ليس فيه إفساد للمال اه وأما إذا عاد مفسدا لدينه وهو مصلح لماله فهل يعاد الحجر عليه؟ فيه وجهان قال أبو العباس يعاد عليه الحجر لقوله تعالى (فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل) فأثبت الولاية على السفيه وهذا سفيه. ولأنه معنى لو قارن البلوغ لمنع فك الحجر عنه، فإذا طرأ بعد فك الحجر عنه، اقتضى ذلك إعادة الحجر عليه كالتبذير وقال أبو إسحاق المروزي: لا يعاد عليه الحجر لان الحجر يراد لحفظ ماله فإذا كان مصلحا لماله لم يعد عليه الحجر، ويخالف إذا قارن إفساد الدين البلوغ لان الحجر إذا ثبت لم يزل عنه إلا بأمر قوى، فكذلك إذا فك عنه الحجر لم يعد عليه الا بأمر قوى. هذا مذهبنا، وأنه إذا عاد مفسدا لماله ودينه عاد عليه