أحدهما: أنه لا يبطل لأنه يجوز شرطه بعد البيع، وما جاز شرطه بعد تمام العقد لم يبطل العقد بفساده كالصداق في النكاح.
والثاني: أنه يبطل وهو الصحيح، لان الرهن يترك لأجله جزء من الثمن، فإذا بطل الرهن وجب أن يضم إلى الثمن الجزء الذي ترك لأجله، وذلك مجهول والمجهول إذا أضيف إلى معلوم صار الجميع مجهولا، فيصير الثمن مجهولا. والجهل بالثمن يفسد البيع.
(الشرح) الحديث رواه البزار والطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما بلفظ " كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل وإن كان مائة شرط ".
أما الأحكام فإنه إذا اشترط المتراهنان شرطا نظرت، فإن كان يقتضيه كأن شرطا أن يباع المرهون في الدين عند حلول الدين أو أن يباع بثمن المثل أو على أن منفعته للراهن صح الشرط والرهن، لأن العقد يقتضى ذلك، فكان هذا الشرط تأكيدا، وإن كان شرطا لا يقتضيه العقد - فلا يخلو - إما أن يكون نقصانا في حق المرتهن أو زيادة في حقه، فإن كان نقصانا في حقه مثل أن رهنه رهنا على أن لا يباع في الدين، أو على أن لا يباع إلا بأكثر من ثمن مثله، أو على أن لا يباع إلا بما يرضى به الراهن فالشرط باطل، لأنه ينافي مقتضى العقد، ويبطل الرهن، لأنه يمنع مقصود الرهن، وإن كان الرهن زيادة في حق المرتهن كأن يرهنه شيئا بشرط أن يباع قبل محل الحق، أو على أن يباع بأي ثمن كان، وإن كان أقل من ثمن المثل، فالشرط باطل لأنه ينافي مقتضى الرهن.
وهل يبطل الرهن؟ فيه قولان. أحدهما: يبطل الرهن، وهو اختيار الشيخ المصنف لأنه شرط فاسد قارن عقد الرهن فأبطله كما لو كان نقصانا في حق المرتهن والثاني: لا يبطل، لان المقصود من الرهن الوثيقة، وهذه الشروط لا تقدح في الوثيقة، لأنها زيادة في حق المرتهن بخلاف الشروط التي تقتضي نقصانا في حق المرتهن، فإذا قلنا: الرهن غير مشروط في بيع بقي الدين بغير شرط، وان شرط ذلك في البيع، بأن قال بعتك سيارتي هذه بألف على أن ترهنني دارك هذه بألف على أن لا تباع في الدين، فهل يبطل البيع؟ فيه قولان.