وإن كان الرهن جارية ولم يشرطا كونها عند أحد قال الشيخ أبو حامد: صح الرهن وجها واحدا، وجعل على يد امرأة ثقة، لأنه ليس لها جهة يوضع فيها غير هذا بخلاف غير الجارية، فان شرطا أن تكون هذه الجارية عند المرتهن أو عند عدل نظرت، فإن كان محرما لها جاز ذلك.
قال القاضي أبو الطيب: وكذلك إن كانت صغيرة ولا يشتهى مثلها جاز تسليمها إلى المرتهن أو العدل لأنه لا يخشى عليها منه، وإن كانت كبيرة فاشترطا وضعها على يد المرتهن والعدل وليس بذى محرم لها: فإن كانت له زوجة أو جارية قال الشيخ أبو حامد: وفى داره نساء تكون هذه المرهونة معهن جاز تركها معه لأنه لا يخشى عليها أن يخلو بها.
فإن لم يكن له زوجة ولا جارية لم يجز وضعها على يده للحديث، فإذا شرطا ذلك بطل الشرط ولم يبطل الرهن، ولان هذا الشرط لا يؤثر في الرهن ويسرى هذا على الخنثى المشكل على تفصيل بين أن يكون كبيرا أو صغيرا لا حاجة بنا للإطالة في هذا لعدم الحاجة إذا اتفق المتراهنان على وضع الرهن على يد عدل ثم أقرا أن العدل قد قبض الرهن وأنكر العدل ذلك لزم الرهن لان الحق لهما دون العدل، فان رجع أحدهما وصدق العدل أنه لم يقبض لم يقبل رجوعه لأنه إقراره السابق يكذبه. وان أقرا الراهن والعدل بالقبض وأنكر المرتهن فالقول قول المرتهن، لان الأصل عدم القبض، ولا يقبل قول العدل عليه لأنه يشهد على فعل نفسه وان قبض العدل الرهن بإذن المرتهن صح، وبه قال أبو حنيفة، وقال ابن أبي ليلى: لا يصح توكيل العدل في القبض، دليلنا أن من اشترى شيئا صح أن يوكل في قبضه فكذلك في الرهن وإذا حصل الرهن عند العدل باتفاق المتراهنين فان نقلاه إلى عدل غيره جاز وان أراد أحدهما أن ينقله إلى غيره لم يجز من غير رضا الآخر، لأنه حصل في يده برضاهما فلا يخرج عن يده إلا برضاهما، فان دعا أحدهما إلى نقله وامتنع الآخر رفع الامر إلى الحاكم، فإن كان العدل ثقة لم ينقل عنه، وان تغير عن الأمانة أو حدثت بينه وبين أحدهما عداوة جاز للحاكم نقله إلى غيره