" لا يخلون أحدكم بامرأة ليست له بمحرم، فان ثالثهما الشيطان " فان جعل الرهن على يد عدل ثم أراد أحدهما أن ينقله إلى غيره لم يكن له ذلك، لأنه حصل عند العدل برضاهما، فلا يجوز لأحدهما أن ينفرد بنقله، فان اتفقا على النقل إلى غيره جاز لان الحق لهما، وقد رضيا فان مات العدل أو اختل فاختلف الراهن والمرتهن فيمن يكون عنده أو مات المرتهن أو اختل والرهن عنده فاختلف الراهن. ومن ينظر في مال المرتهن فيمن يكون الرهن عنده رفع الامر إلى الحاكم فيجعله عند عدل، فان جعلا الرهن على يد عدلين. فأراد أحد العدلين أن يجعل الجميع في يد الآخر ففيه وجهان.
أحدهما: لا يجوز لان ما جعل إلى اثنين لم يجز أن ينفرد به أحدهما كالوصية والثاني: يجوز لان في اجتماع الاثنين على حفظه مشقة. فعلى هذا ان اتفقا على أن يكون في يد أحدهما جاز. وان تشاحا نظرت. فإن كان مما لا ينقسم جعل في حرز لهما. وإن كان مما ينقسم جاز أن يقتسما فيكون عند كل واحد منهما نصفه فان اقتسما ثم سلم أحدهما حصته إلى الآخر ففيه وجهان (أحدهما) يجوز لأنه لو سلم إليه قبل القسمة جاز. فكذلك بعد القسمة. والثاني لا يجوز لأنهما لما اقتسما صار كل واحد منهما منفردا بحصته فلا يجوز أن يسلم ذلك إلى غيره كما لو جعل في يد كل واحد منهما نصفه والله أعلم.
(الشرح) الحديث مر في كتاب الصلاة وقبله في كتاب الحيض. وفى كتاب الحج بجميع طرقه ورواياته وأصحهن رواية الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنه ما عن النبي صلى الله عليه وسلم " لا يخلون رجل بامرأة الا مع ذي محرم " أما الأحكام: فإنهما إذا شرطا في البيع رهن عبد معلوم أو موصوف نظرت فان شرطا أن يكون الرهن على يد عدل جاز وان شرطا أن يكون على يد المرتهن صح، لان الحق لهما فجاز ما اتفقا عليه من ذلك. وان أطلقا ذلك ففيه وجهان حكاهما الشيخ أبو حامد. أحدهما أن الرهن باطل لان كون الرهن في يد أحدهما ليس بأولى من الآخر فإذا لم يذكر ذلك بطل الرهن. والثاني: يصح الرهن ويدفع إلى الحاكم ليجعله على يد عدل ان اختلفا فيمن يكون عنده.