فلعله سمعه منه أو رآه في مصنف آخر له والصحيح ما صححه الجمهور وهو جواز التحري واتفقوا على أنه إذا جوزنا التحري استحب تركه واستعمال الطاهر بيقين احتياطا وأجاب الأصحاب عن تمسك من منع الاجتهاد بالقياس على القبلة بأجوبة أحسنها أن القبلة في جهة واحدة فإذا قدر عليها كان طلبه لها في غيرها عبثا بخلاف الماء الطهور فإنه في جهات كثيرة: الثاني أن اليقين في القبلة حاصل في محل الاجتهاد بخلاف الماء: الثالث أن المنع من الاجتهاد في القبلة في المسألة المفروضة لا يؤدى إلى مشقة بخلاف الماء والثياب: الرابع ذكره الشيخ أبو محمد في الفروق عن بعض الأصحاب أن الماء ما متمول وفي الاعراض عنه تفويت ما ليته مع امكانها فلا تفوت منفعة مال لوجود مال آخر بخلاف القبلة واستدل الأصحاب في ترجيح المذهب مع ما سبق بأن الصحابة رضي الله عنهم كان يسمع أحدهم الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من صحابي آخر فيعمل به ولا يفيده الا الظن ولا يلزمه أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيسمعه منه فيحصل له العلم قطعا واستدل من منع الاجتهاد من نص الشافعي بقوله في المختصر ولو كان في السفر معه إناءان يستيقن أن أحدهما طاهر والاخر نجس قالوا فجعل السفر شرطا للاجتهاد لكونه ليس معه ماء آخر وأجاب الجمهور بان السفر شرط لوجوب الاجتهاد لا لجوازه والله أعلم * وأما قول المصنف لأنه يقدر على اسقاط الفرض بيقين فلا يؤدى بالاجتهاد كالمكي في القبلة فمراده بالمكي من كان بمكة وليس بينه وبين الكعبة حائل لا أصلى ولا طارئ فأما من هو بمكة وبينه وبين الكعبة حائل أصلى كالجبل فإنه يجتهد بلا خلاف وكذا من بينه وبينها حائل طارئ كالبناء على الصحيح كذا صرح به المصنف في باب استقبال القبلة والأصحاب: وقوله الا ترى أنه يجوز أن يترك ماء نزل من السماء إلى آخره معناه أنه إذا كان بحضرته ماء السماء الذي شاهد نزوله من السماء ولم يقع على نجاسة فهو يقطع بطهارته ومع هذا يجوز أن يتركه
(١٩٣)