وأثبت أن معه ماء نبذ فيه تمر معدا للشرب وحمل كلام النبي صلى الله عليه وسلم على الحقيقة وتأويل كلام ابن مسعود أولى من عكسه: الرابع أ النبيذ الذي زعم أنه كان مع ابن مسعود لا يجوز الطهارة به عندهم لأنه نقيع لا مطبوخ فان العرب لا تطبخه وإنما تلقى فيه حبات تمر حتى يحلو فتشربه:
وذكر الأصحاب أجوبة كثيرة غير ما ذكرنا وفيما ذكرناه كفاية: واما حديث ابن عباس والآثار غيرهما فكلها ضعيفة واهية ولو صحت لكان عنها أجوبة كثيرة ولا حاجة إلى تضييع الوقت بذكرها بلا فائدة: ولقد أحسن وأنصف الامام أبن جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي امام الحنفية في الحديث والمنتصر لهم حيث قال في أول كتابه إنما ذهب أبو حنيفة ومحمد إلى الوضوء بالنبيذ اعتمادا على حديث ابن مسعود ولا أصل له فلا معنى لتطويل كتابي بشئ فيه (فرع) قد ذكرنا أن إزالة النجاسة لا تجوز عندنا وعند الجمهور الا بالماء فلا تجوز بخل ولا بمائع آخر: وممن نقل هذا عنه مالك ومحمد بن الحسن وزفر وإسحاق بن راهويه وهو أصح الروايتين عن أحمد: وقال أبو حنيفة وأبو يوسف وداود يجوز إزالة النجاسة من الثوب والبدن بكل مائع يسيل إذا غسل به ثم عصر كالخل وماء الورد: ولا يجوز بدهن ومرق: وعن أبي يوسف رواية أنه لا يجوز في البدن بغير الماء * واحتج لهم بحديث عائشة رضي الله عنها قالت ما كان لا حدانا الا ثوب واحد تحيض فيه فإذا أصابه شئ من دم قالت بريقها فمصعته بظفرها رواه البخاري ومصعته بفتح الميم والصاد والعين المهملتين أي أذهبته: وعن محمد بن إبراهيم عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أم سلمة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله إني امرأة أطيل ذيلي فأجره على المكان القذر فقال صلى الله عليه وسلم يطهره ما بعده رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة: وموضع الدلالة انها طهارة بغير الماء فدل على عدم اشتراطه: وبحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فان رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما حديث حسن رواه أبو داود باسناد صحيح:
وبحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فان التراب له طهور رواه أبو داود: والدلالة من هذين كبى مما قبلهما: وذكروا أحاديث لا دلالة فيها كحديث إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فاغسلوه وبأي شئ غسله سمى غاسلا: قالوا ولأنه مائع