وتعليله يدل عليه فان قيل فحديث أبي ثعلبة يقتضى كراهة استعمالها وجد عنها بدا وان تيقن طهارتها فالجواب أن المراد النهي عن الأكل في أوانيهم التي كانوا يطبخون فيها لحم الخنزير ويشربون فيها الخمر كما سبق بيانه في رواية أبي داود وإنما نهى عن الأكل للاستقذار كما يكره الأكل في المحجمة المغسولة وإذا تطهر من إناء كافر ولم يعلم طهارته ولا نجاسته فإن كان من قوم لا يتدينون باستعمال النجاسة صحت طهارته بلا خلاف وإن كان من قوم يتدينون باستعمال النجاسة فوجهان الصحيح منهما باتفاق الأصحاب في الطريقتين انه تصح طهارته وهو نصه في الأم وحرملة والقديم وبه قال ابن أبي هريرة والوجه الثاني لا تصح طهارته وهو قول أبي إسحاق وصححه المتولي وهو مخرج من (1) القولين في الصلاة في المقبرة المنبوشة (2) كذا قاله الشيخ أبو حامد وقال القاضي أبو الطيب هو مخرج من مسألة بول الظبية وهذا أجود (3) قال أصحابنا المتدينون باستعمال النجاسة وهم الذين يعتقدون ذلك دينا وفضيلة وهم طائفة من المجوس يرون استعمال أبوال البقر واخثائها قربة وطاعة قال الماوردي وممن يرى ذلك البراهمة وأما الذين لا يتدينون فكاليهود والنصارى قال امام الحرمين ولو ظهر من الرجل اختلاطه بالنجاسات وعدم تصونه منها مسلما كان أو كافرا ففي نجاسة ثيابه وأوانيه الخلاف والله أعلم * (فرع) هذا الذي ذكرناه من الحكم بطهارة أواني الكفار وثيابهم هو مذهبنا ومذهب الجمهور من السلف وحكي أصحابنا عن أحمد وإسحاق نجاسة ذلك لقوله تعالى (إنما المشركون نجس) ولحديث أبي ثعلبة وقوله صلى الله عليه وسلم فاغسلوها واحتج أصحابنا بقوله تعالى (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) ومعلوم أن طعامهم يطبخونه في قدورهم ويباشرونه بأيديهم وبحديث عمران وفعل عمر المذكورين في الكتاب وبأن الأصل الطهارة وبأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأذن للكفار في دخول المسجد ولو كانوا أنجاسا لم يأذن * وأجاب الأصحاب عن الآية بجوابين أحدهما معناها ان المشركين نجس أديانهم واعتقادهم وليس المراد أبدانهم وأوانيهم بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم أدخلهم المسجد واستعمل
(٢٦٤)