وأما الزهري فاحتج برواية جاءت في حديث ابن عباس هلا أخذتم اهابها فانتفعتم به ولم يذكر الدباغ واحتج أصحابنا بالأحاديث الصحيحة السابقة واما هذه الرواية فمطلقة محمولة على الروايات الصحيحات المشهورات والله أعلم * وذكر امام الحرمين في النهاية مذاهب السلف بنحو ما سبق ثم قال ولا يستند على هذا السبر غير مذهب الشافعي فان من قال يؤثر الدباغ في المأكول خاصة تعلقوا بخصوص السبب في شاة ميمونة وليس ذلك بصحيح فان اللفظ عام مستقل بالإفادة وأبو حنيفة لم يطرد مذهبه في الخنزير عملا بالعموم ولا يظهر فرق بين الكلب والخنزير * واما الشافعي فإنه نظر إلى ما أمر به الشرع من استعمال الأشياء الجائزة كالقرظ وغاص على فهم المعني وهو ان سبب نجاسة الجلود بالموت انها بانقطاع الحياة عنبا تتعرض للبلى والعفن والنتن فإذا دبغت لم تتعرض للتغير وقد بطل حمل اللفظ على خصوص السبب وامتنع التعميم لما ذكرنا في جلد الخنزير وأرشد الدباغ إلى معنى يضاهى به المدبوغ الحيوان في حال الحياة فان الحياة دافعة للعفن والموت جالب له والدباغ يرده إلى مضاهاة الحياة في السلامة من التغير فانتظم بذلك اعتبار المدبوغ بالحي فقال كل ما كان في الحياة طاهرا عاد جلده بالدبغ طاهرا وما كان نجسا لا يطهر ثم ثبت عنده نجاسة الكلب من نجاسة لعابه والله أعلم * قال المصنف رحمه الله * (ويجوز الدباغ بكل ما ينشف فضول الجلد ويطيبه ويمنع من ورود الفساد عليه كالشث والقرظ وغير ذلك مما يعمل عمله لان النبي صلى الله عليه وسلم قال (أليس في الماء والقرظ ما يطهره فنص على القرظ لأنه يصلح الجلد ويطيبه فوجب ان يجوز بكل ما عمل عمله) * (الشرح) هذا الحديث حديث حسن رواه الامامان الحافظان أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني وأبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي في سننهما من رواية ابن عباس رضي الله عنهما قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بشاة ميتة فقال هلا انتفعتم باهابها قالوا يا رسول الله انها ميتة قال إنما
(٢٢٢)